ذكر اختصاصه بأنه أرحم الأمة بالأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
ذكر اختصاصه بأنه أرحم الأمة بالأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر اختصاصه بأنه أرحم الأمة
بالأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أرحم أمتي بأمتي أبو
بكر خرجه عبد الرزاق والبغوي في المصابيح الحسان. وعن أبي أمامة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أرحم هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر خرجه في فضائله. وعن أنس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله وعدني أن يدخل الجنة أربعمائة ألف فقال
أبو بكر زدنا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا وجمع كفيه فقال
عمر حسبك يا أبا بكر فقال أبو بكر دعني يا عمر وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا
فقال عمر إن الله لو شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
صدق عمر خرجه الطبراني في معجمه وأبو القاسم الدمشقي في معجم البلدان.
ذكر اختصاصه بالأفضلية والخيرية
تقدم من أحاديث هذه الخصوصية جملة أحاديث وآثار مما خرجه
الشيخان وغيرهما في باب مناقب الأربعة والثلاثة والاثنين. وعن أبي الدرداء قال
رآني النبي صلى الله عليه وسلم أمشي أمام أبي بكر فقال يا أبا الدرداء أتمشي أمام
من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين
والمرسلين أفضل من أبي بكر خرجه المخلص الذهبي وخرجه الدارقطني ولم يقل والمرسلين.
وخرجه ابن السمان في الموافقة عن جعفر بن محمد وقد سئل عن أبي بكر فقال ما أقوله
فيه لا أقول فيه إلا خيراً أو قال إلا الخير بعد حديث حدثنيه أبي محمد قال حدثني
أبي علي قال حدثني أبي الحسين قال سمعت أبي علي بن أبي طالب يقول سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول ما طلعت شمس ولا غربت الحديث بتمامه ثم قال لا أنالني
الله شفاعة جدي إن كنت كذبت فيما رويت لك وإني لأرجو شفاعته يوم القيامة يعني أبا
بكر. وعن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم رجل
لم يخلق الله بعدي أحداً خيراً منه ولا أفضل وله شفاعة مثل شفاعة النبيين فما
برحنا حتى طلع أبو بكر فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقبله والتزمه خرجه الحافظ
الخطيب أبو بكر أحمد بن ثابت البغدادي. وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم خير أصحابي أبو بكر وعن جابر قال كنا عند باب النبي صلى الله عليه وسلم نفراً
من المهاجرين والأنصار نتذاكر الأنصار فارتفعت أصواتنا فخرج علينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال فيم أنتم فقلنا نتذاكر الفضائل قال فلا تقدموا على أبي بكر
أحداً فإنه أفضلكم في الدنيا والآخرة أخرجهما صاحب فضائله. وعنه قال إن الله جمع
أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم و"ثاني اثنين إذ هما في
الغار" وأولى الناس بكم خرجه البخاري. وعن عمر قال أبو بكر سيدنا وخيرنا
وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجه الترمذي وقال حسن صحيح. وعنه وقد قال
له رجل ما رأيت أحداً خيراً منك قال هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا
قال لو قلت نعم لضربت عنقك ثم قال هل رأيت أبا بكر قال لا قال لو قلت نعم لبالغت
في عقوبتك خرجه القلعي. وعن الزهري أن رجلاً قال لعمر ما رأيت أحداً أو رجلاً أفضل
منك قال له عمر هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قال فهل رأيت أبا بكر
قال لا قال لو أخبرتني أنك رأيت واحداً منهما لأوجعتك خرجه في الفضائل وقال حديث
حسن إلا أنه مرسل لأن الزهري لم يدرك عمر. وعن علي وقد قيل له لما أصيب ألا تستخلف
قال لا أستخلف ولكني أترككم كما تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلنا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله ألا تستخلف فقال إن يعلم الله
فيكم خيراً استعمل عليكم خيركم فعلم الله فينا خيراً فاستعمل علينا أبا بكر خرجه
ابن السمان في الموافقة. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أترككم فإن يرد
الله بكم خيراً يجمعكم على خيركم أخرجه القلعي. وعن موسى بن شداد قال سمعت علياً
يقول أفضلنا أبو بكر.
ذكر اختصاصه بسيادة كهول العرب
عن إسماعيل بن أبي خالد قال بلغني أن عائشة نظرت إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقالت يا سيد العرب فقال صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم
وأبوك سيد كهول العرب وعلي سيد شباب العرب خرجه أبو نعيم البصري ورواه الغيلاني
وعن عبد الله بن مسعود قال اجعلوا إمامكم خيركم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
جعل إمامنا خيرنا بعده خرجه أبو عمر. وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال ولينا
أبو بكر الصديق فخير خليفة أرحم بنا وأحناه علينا خرجه ابن السمان في الموافقة.
وعن الليث بن سعد قال ما صحب الأنبياء أحد أفضل من أبي بكر خرجه صاحب الفضائل.
ذكر اختصاصه بأنه أشجع الناس
عن محمد بن عقيل عن علي بن أبي طالب أنه قال يوماً وهو في
جماعة من الناس من أشجع الناس قالوا أنت يا أمير المؤمنين قال أما إني ما بارزت
أحداً إلا انتصفت منه ولكن أشجع الناس أبو بكر لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله
صلى الله عليه وسلم عريشاً وقلنا من يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يصل
إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهراً السيف على رأس
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال واجتمع عليه المشركون بمكة فهذا يجره وهذا
يتلتله وهم يقولون أنت جعلت الآلهة إلهاً واحداً فوالله ما دنا منا إليه أحد إلا
أبو بكر يضرب هذا ويجأ هذا ويتلتل هذا ويقول ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله
ثم قال علي نشدتكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر قال فسكت القوم فقال ألا
تجيبون والله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون مؤمن آل فرعون
رجل كتم إيمانه وأبو بكر رجل أعلن إيمانه خرجه ابن السمان في كتاب الموافقة وصاحب الفضائل.
شرح: العريش والعرش أيضاً ما يستظل به تلتله أي زعزعه وحركه وأقلقه يجأ يضرب يقال
وجأه بالسكين أي ضربه بها ونشدتكم بالله أي سألتكم به كأنه يذكره بالله وينشد أي
يذكر ومما يناسب ذكره بعد هذا ذكر ما اشتهر عنه من شدة بأسه وثبوته عند الحوادث
حتى شهد له علي رضي الله عنه بأنه أشجع الناس كما تقدم آنفاً وأنه مثبت القلب فيما
رواه أبو شريحة قال سمعت علياً على المنبر يقول إن أبا بكر مثبت القلب خرجه في
الصفوة وصاحب الفضائل فمن ذلك.
ذكر شدة بأسه وثبوته يوم بدر فيه
ما تقدم في الذكر قبله
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر وهو
في قبة له اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن تشأ لا تعبد بعد هذا اليوم فأخذ أبو
بكر بيده وقال حسبك يا رسول الله قد ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو
يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر خرجه البخاري.
وعنه قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر نبي الله صلى الله عليه
وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلثمائة وسبعة عشر رجلاً قال فاستقبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه أنجز لي ما وعدتني اللهم
آتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض أبداً
فما زال يهتف بربه ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو
بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه فقال يا نبي الله كفاك
مناشدتك ربك وإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله تعالى: "إذ تستغيثون ربكم
فاستجاب لكم أني ممددكم بألف من الملائكة مردفين" فأمده الله عز وجل
بالملائكة أخرجاه.
شرح: هتف أي صاح والهتف الصوت يقال هتف هتافاً أي صاح وهتفت الحمامة تهتف هتفاً
والعصابة الجماعة من الناس والخيل والطير قاله الجوهري. قال ابن إسحاق عدل النبي
صلى الله عليه وسلم الصفوف يوم بدر ثم رجع إلى العريش فدخله ومعه فيه أبو بكر ليس
معه فيه غيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده به من النصر ويقول
فيما يقول اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وأبو بكر يقول يا نبي الله بعض
مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو
في العريش ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه
يقوده على ثناياه النقع والنقع الغبار. وعن حكيم بن حزام قال لما حضر القتال رفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يسأل الله النصر وما وعده يقول اللهم إن ظهروا
على هذه العصابة ظهر الشرك ولا يقوم لك دين وأبو بكر يقول والله لينصرنك الله
وليبيضن وجهك فأنزل الله تعالى لنا ألفاً من الملائكة مردفين عند أكناف العدو وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشر يا أبا بكر هذا جبريل عليه السلام معتجر بعمامة
صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض فلما نزل إلى الأرض تغيب عني ساعة ثم طلع
يقول أتاكم نصر الله أو دعوته خرجه صاحب الفضائل. شرح: أكناف العدو جوانبهم
والاعتجار لف العمامة على الرأس والمعجر ما تشده المرأة على رأسها.
ذكر ثباته يوم الحديبية
عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم حديث صلح الحديبية وفيه
قال عمر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ألست نبي الله حقاً قال
بلى قلت ألسنا على الحق وهم على الباطل قال بلى قلت فلم نعطى الدنية في ديننا قال
إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري قلت أو ليس كنت تحدثنا أننا سنأتي البيت فنطوف
به قال أو أخبرتك أنا نأتيه العام قلت لا قال فإنك آتيه ومطوف به قال فأتيت أبا
بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا
على الباطل قال بلى قلت فلم نعطى الدنية في ديننا قال أيها الرجل إنه رسول الله
وليس يعصيه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق قلت أو ليس كان يحدثنا
أننا سنأتي البيت فنطوف به قال أفأخبرك أنك تأتيه العام قلت لا قال فإنك آتيه
ومطوف به قال عمر فعملت لذلك أعمالاً خرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري شرح الغرز
ركاب الرجل من جلد فإن كان من خشب أو حديد فهو ركاب
ذكر ثباته يوم توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم
عن عائشة قالت أقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل
فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو مسجي ببردة فكشف عن وجهه صلى الله عليه وسلم وأكب عليه فقبله ثم بكى فقال بأبي
أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها قال أبو
سلمة وأخبرني ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس فأبى فقال اجلس
فأبى فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر فقال أما بعد فمن كان منكم يعبد
محمداً فإن محمداً صلى الله عليه وسلم قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا
يموت قال الله تعالى "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" إلى
الشاكرين قالت فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى
تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس فما نسمع بشراً إلا يتلوها أخرجه الشيخان وعنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسنح تعني العالية فقام عمر يقول
والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقبله وقال بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً والذين نفسي بيده لا
يذيقك الموتتين أبداً ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر
فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من أن يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن
كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت وإنهم ميتون وقال "وما محمد
إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على
عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين" قال فنشج الناس يبكون خرجه
البخاري.
شرح: نشج الباكي ينشج نشجاً ونشيجاً إذا غص بالبكاء في حلقه
من غير انتحاب وعن ابن عمر قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا أبو
بكر فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال إن كان محمداً إلهكم الذي تعبدونه فإن
إلهكم قد مات وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم حي لا يموت ثم تلا "وما
محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" الآية قال الزهري فأخبرني سعيد بن
المسيب أن عمر بن الخطاب قال والله ما هو إلا أن تلاها أبو بكر يعني قوله
"وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" عقرت وأنا قائم حتى خررت إلى
الأرض وأثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات خرج قول الزهري البخاري ومعنى
الأول عنده شرح عقرت بالكسر من العقر وهو أن يسلم الرجل قوائمه فلا يستطيع أن
يقاتل من الخوف وقيل هو أن يفجأه الروع فيدهش ولا يستطيع أن يتقدم ولا يتأخر
حكاهما في نهاية الغريب والأول ذكره الجوهري وعن سالم بن عبيد الاشجعي قال لما مات
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجزع الناس كلهم عمر بن الخطاب قال فأخذ بقائم
سيفه وقال لا أسمع أحداً يقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ضربته بسيفي
هذا قال فقال الناس يا سالم اطلب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فخرجت إلى
المسجد فإذا بأبي بكر فلما رأيته أجهشت بالبكاء فقال ما لك يا سالم أمات رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا عمر بن الخطاب يقول لا أسمع أحداً يقول مات رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا ضربته بسيفي هذا قال فأقبل أبو بكر حتى دخل فلما رآه
الناس سعوا له فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى فوضع البردة عن وجهه
ووضع فاه على فيه واستنشأ الريح ثم سجاه والتفت إلينا فقال "وما محمد إلا
رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على
عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين" وقال "إنك ميت وإنهم
ميتون" من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات فوالله لكأني لم أتل هذه الآيات
قط فقالوا يا صاحب رسول الله أمات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قالوا يا
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يغسله قال رجال أهل بيته الأدنى فالأدنى
قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين يدفن قال في البقعة التي قبضه
الله عز وجل فيها لم يقبضه إلا في أحب البقاع إليه خرجه الحافظ أبو أحمد حمزة بن
محمد بن الحارث بهذا السياق وكذلك أخرجه في فضائله وخرج الترمذي معناه بتمامه وزاد
بعد قولهم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم فعملوا أن قد صدق وقال بعد
ذكر الدفن فإن الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيب بدل إلا في أحب البقاع إليه وزاد
فعملوا أن قد صدق وفي رواية أنهم قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنصلي عليه قال نعم قالوا كيف نصلي عليه قال يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون له ثم
يخرجون ثم يدخل غيرهم حتى يفرغوا قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين
يدفن ثم ذكر الحديث خرجها في فضائله وعن جعفر بن محمد عن أبيه عمن حدثه قال قبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر غائب بالسنح عند زوجته بنت خارجة فسل عمر
بن الخطاب سيفه وتوعد من يقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقول إنما
أرسل إليه كما أرسل إلي موسى عليه السلام فلبث عن قومه أربعين ليلة والله إني
لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم فأقبل أبو بكر من السنح حين بلغه الخبر إلى بيت
عائشة فأذنت له فدخل فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجثا يقبله ويبكي
ويقول توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده صلوات الله عليك يا رسول
الله ما أطيبك حياً وميتاً ثم خرج سريعا إلى المسجد حتى جاء المنبر فقام عليه
ونادى الناس اجلسوا فجلسوا وأنصتوا فتشهد شهادة الحق ثم قال إن الله تعالى نعى
نبيكم وهو حي بين أظهركم ونعى لكم أنفسكم وهو الموت حتى لا يبقي أحد إلا الله يقول
الله عز وجل "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل
انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله
الشاكرين" وقال "إنك ميت وإنهم ميتون" وقال "كل نفس ذائقة
الموت" وقال تعالى "كل شيء هالك إلا وجهه" وقال "كل من عليها
فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" ثم قال إن الله عز وجل عمر محمداً
وأبقاه حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله وجاهد أعداء الله حتى
توفاه الله وهو على ذلك وترككم على الطريقة فلا يهلك هالك إلا من بعد البينة
والشفاء والنور فمن كان الله ربه فإن الله حي لا يموت فليعبده ومن كان يعبد محمداً
ويراه إلهاً فقد هلك إلهه فأقبلوا أيها الناس واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم
فإن دين الله قائم وكلمته باقية وإن الله ناصر دينه ومعز أهله وإن كتاب الله عز
وجل بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمداً صلى الله عليه وسلم وفيه
حلال الله وحرامه ولا والله ما نبالي من أجلب علينا من خلق الله إن سيوفنا لمسلولة
ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلا ينعين أحد إلا نفسه ثم انصرف خرجه صاحب فضائله وقال غريب.ل إن الله عز وجل عمر
محمداً وأبقاه حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله وجاهد أعداء الله
حتى توفاه الله وهو على ذلك وترككم على الطريقة فلا يهلك هالك إلا من بعد البينة
والشفاء والنور فمن كان الله ربه فإن الله حي لا يموت فليعبده ومن كان يعبد محمداً
ويراه إلهاً فقد هلك إلهه فأقبلوا أيها الناس واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم
فإن دين الله قائم وكلمته باقية وإن الله ناصر دينه ومعز أهله وإن كتاب الله عز
وجل بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمداً صلى الله عليه وسلم وفيه
حلال الله وحرامه ولا والله ما نبالي من أجلب علينا من خلق الله إن سيوفنا لمسلولة
ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلا ينعين أحد إلا نفسه ثم انصرف خرجه صاحب فضائله وقال غريب.
شرح: النعي خبر الموت يقال نعاه نعياً ونعياناً بالضم وكذلك النعي على فعيل يقال
جاء نعي فلان وأجلب علينا أي تجمع يقال أجلبوا علينا وتألبوا أي اجتمعوا وأجلبه
أعانه
ذكر أن غيبته في منزله بالسنح حين وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم تكن إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن عائشة قالت رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض
الشيء فعصبت رأسي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وارأساه فقال بل أنا
وارأساه قالت ثم أرسل إلى نسائه فاستأذنهن أن تمرضه عائشة فأذن له قالت فمرضته
أياماً فدخل عليه أبو بكر فقال يا رسول الله إني أراك كأنك اليوم أمثل أتأذن لي أن
آتي أهلي فأذن له نبي الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فبينما أنا مسندته إلى
صدري إذ نظر كالرجل يريد من أهله الشيء قالت ثم نظر إلي فمال على صدري فسجيت عليه
وظننت أنه غشي عليه إذ جاء أبو بكر على فرس فاقتحم الفرس في الحجرة ثم نزل فدخل ثم
قال أي بنية ما شأنه فقلت والله ما أدري ما به إلا أنى كنت مسندته إلى صدري فانخنث
فمال فسجيته ولا أدري غشي عليه أم قبض خرجه الحافظ حمزة بن الحارث وعن عائشة أن
أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يديه
على صدغيه فقال وانبياه واخليلاه واصفياه خرجه ابن عرفة العبدي ولا تضاد بين هذا
على تقدير صحته وبين ما تقدم مما يضمن بيانه بأن يكون قد قال ذلك عن غير انزعاج
ولا قلق خافتاً به صوته ثم التفت إليهم وقال لهم ما قال.
ذكر شدة بأسه وثبات قلبه لما ارتدت العرب بعد وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر كيف
تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على
الله فقال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال
والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم
على منعها فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال
فعرفت أنه الحق أخرجاه وعنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب
وقالوا لا نؤدي زكاة فقال أبو بكر لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه فقلت يا خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم تألف الناس وارفق بهم فقال لي أجبار في الجاهلية
وخوار في الإسلام إنه قد انقطع الوحي وتم الدين أو ينقص وأنا حي خرجه النسائي بهذا
اللفظ ومعناه في الصحيحين وقد تقدم في ذكر قصة الغار وتقدم شرحه أيضاً وعن يحيى بن
عمرو عن أبيه عن جده قال لما امتنع من امتنع من دفع الزكاة إلى أبي بكر جمع أبو
بكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشاورهم في أمرهم فاختلفوا عليه فقال لعلي
ما تقول يا أبا الحسن قال أقول لك إن تركت شيئاً مما أخذه رسول الله صلى الله عليه
وسلم منهم فأنت على خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما لئن قلت ذاك
لأقاتلنهم وإن منعوني عقالاً أخرجه ابن السمان في الموافقة وعن أبي رجاء العطاردي
قال دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين ورأيت رجلاً يقبل رأس رجل وهو يقول أنا
فداؤك ولولا أنت لهلكنا فقلت من المقبل ومن المقبل قالوا ذاك عمر يقبل رأس أبي بكر
في قتاله أهل الردة إذ منعوا الزكاة حتى أتوا بها صاغرين خرجه في الصفوة وفي
فضائله وعن ابن مسعود أنه قال كرهنا ذلك ثم حمدناه في الانتهاء ورأيناه رشيداً
لولا ما فعل أبو بكر لألحد الناس في الزكاة إلى يوم القيامة خرجه القلعي.
شرح: أصل الإلحاد الميل والمراد أنهم كانوا يتركونها جاحدين
لوجوبها إلى يوم القيامة وإذا فعلوا ذلك فقد مالوا عن الحق وعن عائشة قالت خرج أبي
شاهراً سيفه راكباً راحلته يعني يوم الردة فجاء علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته
فقال إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول لك ما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم أحد شم سيفك لا تفجعنا بنفسك وارجع إلى المدينة والله لئن
أصبنا بك لا يكون بعدك نظام أبداً فرجع خرجه الخلعي وابن السمان في الموافقة
والفضائلي وصاحب الفضائل وزادوا مضي الجيش شرح شم سيفك أي اغمده ويقال سله وهو من
الأضداد وعن أبي هريرة أنه قال والله الذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف
ما عبد الله ثم قال الثانية ثم قال الثالثة فقيل له مه يا أبا هريرة فقال إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام فلما نزل بذي خشب
وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب حول المدينة فاجتمع عليه أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا بكر رد هؤلاء يتوجه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت
العرب فقال والله الذي لا إله إلا هو لو جرت الكلاب بأرجل أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم ما رددت جيشاً جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حللت لواء عقده
رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية والله لو علمت أن السباع تجر برجلي إن لم
أرده ما رددته عن وجه وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أسامة أن يمضي لوجهه
ذلك وفي رواية أن عمر هو القائل يا خليفة رسول الله إن العرب قد ارتدت على أعقابها
كفاراً كما قد علمت وأنت تريد أن تنفذ جيش أسامة وفي جيش أسامة جماعة العرب وأبطال
الناس فلو حبسته عندك لتقويت به على من ارتد من هؤلاء العرب فقال أبو بكر لو أني
علمت أن السباع تأكلني في هذه المدينة لأنفذن جيش أسامة كما قال صلى الله عليه
وسلم امضوا جيش أسامة فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا قال فوجه أسامة فجعل لا يمر
بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم
ولكنهم ندعهم حتى يلقوا الروم فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا
على الإسلام خرجه أبو عبيدة في كتاب الأحداث وأبو الحسن علي بن محمد القرشي في كتاب
الردة والفتوح والفضائلي الرازي والملاء في سيرته وذكر أبو الحسن علي بن محمد
القرشي أن أبا بكر أقبل على أسامة بن زيد وهو معسكر خارج المدينة وقال له امض رحمك
الله لوجهك الذي أمرك به النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقصر في أمرك فإن رأيت أن
تأذن لعمر بن الخطاب بالمقام عندي فإنه أستأنس به وأستعين برأيه فقال أسامة قد
فعلت ذلك وسار أسامة إلى الموضع الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج إليه
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال كان في بني سليم ردة فبعث إليهم أبو بكر خالد بن
الوليد فجمع رجالاً منهم في الحظائر ثم أحرقها عليهم بالنار فبلغ ذلك عمر فأتى أبا
بكر فقال تدع رجلاً يعذب بعذاب الله عز وجل فقال أبو بكر والله لا أشيم سيفاً سله
الله على عدوه حتى يكون هو الذي يشيمه ثم أمره فمضى من وجهه ذلك إلى مسيلمة خرجه
أبو معاوية ومنه.
ذكر ثباته عند الموت
عن عائشة قالت لما حضرت أبا بكر الوفاة أردت أن أكلمه في
طلحة بن عبيد الله فأتيته فإذا هو يحشرج فقلت إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر فقال
لها يا بنية أو غير ذلك "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد"
أجلسني فأجلسته فرفع يديه فقال اللهم إني لم آل خرجه أبو حذيفة في فتوح الشام.
بالأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أرحم أمتي بأمتي أبو
بكر خرجه عبد الرزاق والبغوي في المصابيح الحسان. وعن أبي أمامة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أرحم هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر خرجه في فضائله. وعن أنس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله وعدني أن يدخل الجنة أربعمائة ألف فقال
أبو بكر زدنا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا وجمع كفيه فقال
عمر حسبك يا أبا بكر فقال أبو بكر دعني يا عمر وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا
فقال عمر إن الله لو شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
صدق عمر خرجه الطبراني في معجمه وأبو القاسم الدمشقي في معجم البلدان.
ذكر اختصاصه بالأفضلية والخيرية
تقدم من أحاديث هذه الخصوصية جملة أحاديث وآثار مما خرجه
الشيخان وغيرهما في باب مناقب الأربعة والثلاثة والاثنين. وعن أبي الدرداء قال
رآني النبي صلى الله عليه وسلم أمشي أمام أبي بكر فقال يا أبا الدرداء أتمشي أمام
من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين
والمرسلين أفضل من أبي بكر خرجه المخلص الذهبي وخرجه الدارقطني ولم يقل والمرسلين.
وخرجه ابن السمان في الموافقة عن جعفر بن محمد وقد سئل عن أبي بكر فقال ما أقوله
فيه لا أقول فيه إلا خيراً أو قال إلا الخير بعد حديث حدثنيه أبي محمد قال حدثني
أبي علي قال حدثني أبي الحسين قال سمعت أبي علي بن أبي طالب يقول سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول ما طلعت شمس ولا غربت الحديث بتمامه ثم قال لا أنالني
الله شفاعة جدي إن كنت كذبت فيما رويت لك وإني لأرجو شفاعته يوم القيامة يعني أبا
بكر. وعن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم رجل
لم يخلق الله بعدي أحداً خيراً منه ولا أفضل وله شفاعة مثل شفاعة النبيين فما
برحنا حتى طلع أبو بكر فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقبله والتزمه خرجه الحافظ
الخطيب أبو بكر أحمد بن ثابت البغدادي. وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم خير أصحابي أبو بكر وعن جابر قال كنا عند باب النبي صلى الله عليه وسلم نفراً
من المهاجرين والأنصار نتذاكر الأنصار فارتفعت أصواتنا فخرج علينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال فيم أنتم فقلنا نتذاكر الفضائل قال فلا تقدموا على أبي بكر
أحداً فإنه أفضلكم في الدنيا والآخرة أخرجهما صاحب فضائله. وعنه قال إن الله جمع
أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم و"ثاني اثنين إذ هما في
الغار" وأولى الناس بكم خرجه البخاري. وعن عمر قال أبو بكر سيدنا وخيرنا
وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجه الترمذي وقال حسن صحيح. وعنه وقد قال
له رجل ما رأيت أحداً خيراً منك قال هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا
قال لو قلت نعم لضربت عنقك ثم قال هل رأيت أبا بكر قال لا قال لو قلت نعم لبالغت
في عقوبتك خرجه القلعي. وعن الزهري أن رجلاً قال لعمر ما رأيت أحداً أو رجلاً أفضل
منك قال له عمر هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قال فهل رأيت أبا بكر
قال لا قال لو أخبرتني أنك رأيت واحداً منهما لأوجعتك خرجه في الفضائل وقال حديث
حسن إلا أنه مرسل لأن الزهري لم يدرك عمر. وعن علي وقد قيل له لما أصيب ألا تستخلف
قال لا أستخلف ولكني أترككم كما تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلنا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله ألا تستخلف فقال إن يعلم الله
فيكم خيراً استعمل عليكم خيركم فعلم الله فينا خيراً فاستعمل علينا أبا بكر خرجه
ابن السمان في الموافقة. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أترككم فإن يرد
الله بكم خيراً يجمعكم على خيركم أخرجه القلعي. وعن موسى بن شداد قال سمعت علياً
يقول أفضلنا أبو بكر.
ذكر اختصاصه بسيادة كهول العرب
عن إسماعيل بن أبي خالد قال بلغني أن عائشة نظرت إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقالت يا سيد العرب فقال صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم
وأبوك سيد كهول العرب وعلي سيد شباب العرب خرجه أبو نعيم البصري ورواه الغيلاني
وعن عبد الله بن مسعود قال اجعلوا إمامكم خيركم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
جعل إمامنا خيرنا بعده خرجه أبو عمر. وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال ولينا
أبو بكر الصديق فخير خليفة أرحم بنا وأحناه علينا خرجه ابن السمان في الموافقة.
وعن الليث بن سعد قال ما صحب الأنبياء أحد أفضل من أبي بكر خرجه صاحب الفضائل.
ذكر اختصاصه بأنه أشجع الناس
عن محمد بن عقيل عن علي بن أبي طالب أنه قال يوماً وهو في
جماعة من الناس من أشجع الناس قالوا أنت يا أمير المؤمنين قال أما إني ما بارزت
أحداً إلا انتصفت منه ولكن أشجع الناس أبو بكر لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله
صلى الله عليه وسلم عريشاً وقلنا من يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يصل
إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهراً السيف على رأس
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال واجتمع عليه المشركون بمكة فهذا يجره وهذا
يتلتله وهم يقولون أنت جعلت الآلهة إلهاً واحداً فوالله ما دنا منا إليه أحد إلا
أبو بكر يضرب هذا ويجأ هذا ويتلتل هذا ويقول ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله
ثم قال علي نشدتكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر قال فسكت القوم فقال ألا
تجيبون والله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون مؤمن آل فرعون
رجل كتم إيمانه وأبو بكر رجل أعلن إيمانه خرجه ابن السمان في كتاب الموافقة وصاحب الفضائل.
شرح: العريش والعرش أيضاً ما يستظل به تلتله أي زعزعه وحركه وأقلقه يجأ يضرب يقال
وجأه بالسكين أي ضربه بها ونشدتكم بالله أي سألتكم به كأنه يذكره بالله وينشد أي
يذكر ومما يناسب ذكره بعد هذا ذكر ما اشتهر عنه من شدة بأسه وثبوته عند الحوادث
حتى شهد له علي رضي الله عنه بأنه أشجع الناس كما تقدم آنفاً وأنه مثبت القلب فيما
رواه أبو شريحة قال سمعت علياً على المنبر يقول إن أبا بكر مثبت القلب خرجه في
الصفوة وصاحب الفضائل فمن ذلك.
ذكر شدة بأسه وثبوته يوم بدر فيه
ما تقدم في الذكر قبله
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر وهو
في قبة له اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن تشأ لا تعبد بعد هذا اليوم فأخذ أبو
بكر بيده وقال حسبك يا رسول الله قد ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو
يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر خرجه البخاري.
وعنه قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر نبي الله صلى الله عليه
وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلثمائة وسبعة عشر رجلاً قال فاستقبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه أنجز لي ما وعدتني اللهم
آتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض أبداً
فما زال يهتف بربه ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو
بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه فقال يا نبي الله كفاك
مناشدتك ربك وإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله تعالى: "إذ تستغيثون ربكم
فاستجاب لكم أني ممددكم بألف من الملائكة مردفين" فأمده الله عز وجل
بالملائكة أخرجاه.
شرح: هتف أي صاح والهتف الصوت يقال هتف هتافاً أي صاح وهتفت الحمامة تهتف هتفاً
والعصابة الجماعة من الناس والخيل والطير قاله الجوهري. قال ابن إسحاق عدل النبي
صلى الله عليه وسلم الصفوف يوم بدر ثم رجع إلى العريش فدخله ومعه فيه أبو بكر ليس
معه فيه غيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده به من النصر ويقول
فيما يقول اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وأبو بكر يقول يا نبي الله بعض
مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو
في العريش ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه
يقوده على ثناياه النقع والنقع الغبار. وعن حكيم بن حزام قال لما حضر القتال رفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يسأل الله النصر وما وعده يقول اللهم إن ظهروا
على هذه العصابة ظهر الشرك ولا يقوم لك دين وأبو بكر يقول والله لينصرنك الله
وليبيضن وجهك فأنزل الله تعالى لنا ألفاً من الملائكة مردفين عند أكناف العدو وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشر يا أبا بكر هذا جبريل عليه السلام معتجر بعمامة
صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض فلما نزل إلى الأرض تغيب عني ساعة ثم طلع
يقول أتاكم نصر الله أو دعوته خرجه صاحب الفضائل. شرح: أكناف العدو جوانبهم
والاعتجار لف العمامة على الرأس والمعجر ما تشده المرأة على رأسها.
ذكر ثباته يوم الحديبية
عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم حديث صلح الحديبية وفيه
قال عمر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ألست نبي الله حقاً قال
بلى قلت ألسنا على الحق وهم على الباطل قال بلى قلت فلم نعطى الدنية في ديننا قال
إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري قلت أو ليس كنت تحدثنا أننا سنأتي البيت فنطوف
به قال أو أخبرتك أنا نأتيه العام قلت لا قال فإنك آتيه ومطوف به قال فأتيت أبا
بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا
على الباطل قال بلى قلت فلم نعطى الدنية في ديننا قال أيها الرجل إنه رسول الله
وليس يعصيه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق قلت أو ليس كان يحدثنا
أننا سنأتي البيت فنطوف به قال أفأخبرك أنك تأتيه العام قلت لا قال فإنك آتيه
ومطوف به قال عمر فعملت لذلك أعمالاً خرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري شرح الغرز
ركاب الرجل من جلد فإن كان من خشب أو حديد فهو ركاب
ذكر ثباته يوم توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم
عن عائشة قالت أقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل
فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو مسجي ببردة فكشف عن وجهه صلى الله عليه وسلم وأكب عليه فقبله ثم بكى فقال بأبي
أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها قال أبو
سلمة وأخبرني ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس فأبى فقال اجلس
فأبى فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر فقال أما بعد فمن كان منكم يعبد
محمداً فإن محمداً صلى الله عليه وسلم قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا
يموت قال الله تعالى "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" إلى
الشاكرين قالت فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى
تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس فما نسمع بشراً إلا يتلوها أخرجه الشيخان وعنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسنح تعني العالية فقام عمر يقول
والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقبله وقال بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً والذين نفسي بيده لا
يذيقك الموتتين أبداً ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر
فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من أن يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن
كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت وإنهم ميتون وقال "وما محمد
إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على
عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين" قال فنشج الناس يبكون خرجه
البخاري.
شرح: نشج الباكي ينشج نشجاً ونشيجاً إذا غص بالبكاء في حلقه
من غير انتحاب وعن ابن عمر قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا أبو
بكر فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال إن كان محمداً إلهكم الذي تعبدونه فإن
إلهكم قد مات وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم حي لا يموت ثم تلا "وما
محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" الآية قال الزهري فأخبرني سعيد بن
المسيب أن عمر بن الخطاب قال والله ما هو إلا أن تلاها أبو بكر يعني قوله
"وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" عقرت وأنا قائم حتى خررت إلى
الأرض وأثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات خرج قول الزهري البخاري ومعنى
الأول عنده شرح عقرت بالكسر من العقر وهو أن يسلم الرجل قوائمه فلا يستطيع أن
يقاتل من الخوف وقيل هو أن يفجأه الروع فيدهش ولا يستطيع أن يتقدم ولا يتأخر
حكاهما في نهاية الغريب والأول ذكره الجوهري وعن سالم بن عبيد الاشجعي قال لما مات
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجزع الناس كلهم عمر بن الخطاب قال فأخذ بقائم
سيفه وقال لا أسمع أحداً يقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ضربته بسيفي
هذا قال فقال الناس يا سالم اطلب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فخرجت إلى
المسجد فإذا بأبي بكر فلما رأيته أجهشت بالبكاء فقال ما لك يا سالم أمات رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا عمر بن الخطاب يقول لا أسمع أحداً يقول مات رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا ضربته بسيفي هذا قال فأقبل أبو بكر حتى دخل فلما رآه
الناس سعوا له فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى فوضع البردة عن وجهه
ووضع فاه على فيه واستنشأ الريح ثم سجاه والتفت إلينا فقال "وما محمد إلا
رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على
عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين" وقال "إنك ميت وإنهم
ميتون" من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات فوالله لكأني لم أتل هذه الآيات
قط فقالوا يا صاحب رسول الله أمات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قالوا يا
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يغسله قال رجال أهل بيته الأدنى فالأدنى
قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين يدفن قال في البقعة التي قبضه
الله عز وجل فيها لم يقبضه إلا في أحب البقاع إليه خرجه الحافظ أبو أحمد حمزة بن
محمد بن الحارث بهذا السياق وكذلك أخرجه في فضائله وخرج الترمذي معناه بتمامه وزاد
بعد قولهم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم فعملوا أن قد صدق وقال بعد
ذكر الدفن فإن الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيب بدل إلا في أحب البقاع إليه وزاد
فعملوا أن قد صدق وفي رواية أنهم قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنصلي عليه قال نعم قالوا كيف نصلي عليه قال يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون له ثم
يخرجون ثم يدخل غيرهم حتى يفرغوا قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين
يدفن ثم ذكر الحديث خرجها في فضائله وعن جعفر بن محمد عن أبيه عمن حدثه قال قبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر غائب بالسنح عند زوجته بنت خارجة فسل عمر
بن الخطاب سيفه وتوعد من يقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقول إنما
أرسل إليه كما أرسل إلي موسى عليه السلام فلبث عن قومه أربعين ليلة والله إني
لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم فأقبل أبو بكر من السنح حين بلغه الخبر إلى بيت
عائشة فأذنت له فدخل فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجثا يقبله ويبكي
ويقول توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده صلوات الله عليك يا رسول
الله ما أطيبك حياً وميتاً ثم خرج سريعا إلى المسجد حتى جاء المنبر فقام عليه
ونادى الناس اجلسوا فجلسوا وأنصتوا فتشهد شهادة الحق ثم قال إن الله تعالى نعى
نبيكم وهو حي بين أظهركم ونعى لكم أنفسكم وهو الموت حتى لا يبقي أحد إلا الله يقول
الله عز وجل "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل
انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله
الشاكرين" وقال "إنك ميت وإنهم ميتون" وقال "كل نفس ذائقة
الموت" وقال تعالى "كل شيء هالك إلا وجهه" وقال "كل من عليها
فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" ثم قال إن الله عز وجل عمر محمداً
وأبقاه حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله وجاهد أعداء الله حتى
توفاه الله وهو على ذلك وترككم على الطريقة فلا يهلك هالك إلا من بعد البينة
والشفاء والنور فمن كان الله ربه فإن الله حي لا يموت فليعبده ومن كان يعبد محمداً
ويراه إلهاً فقد هلك إلهه فأقبلوا أيها الناس واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم
فإن دين الله قائم وكلمته باقية وإن الله ناصر دينه ومعز أهله وإن كتاب الله عز
وجل بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمداً صلى الله عليه وسلم وفيه
حلال الله وحرامه ولا والله ما نبالي من أجلب علينا من خلق الله إن سيوفنا لمسلولة
ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلا ينعين أحد إلا نفسه ثم انصرف خرجه صاحب فضائله وقال غريب.ل إن الله عز وجل عمر
محمداً وأبقاه حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله وجاهد أعداء الله
حتى توفاه الله وهو على ذلك وترككم على الطريقة فلا يهلك هالك إلا من بعد البينة
والشفاء والنور فمن كان الله ربه فإن الله حي لا يموت فليعبده ومن كان يعبد محمداً
ويراه إلهاً فقد هلك إلهه فأقبلوا أيها الناس واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم
فإن دين الله قائم وكلمته باقية وإن الله ناصر دينه ومعز أهله وإن كتاب الله عز
وجل بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمداً صلى الله عليه وسلم وفيه
حلال الله وحرامه ولا والله ما نبالي من أجلب علينا من خلق الله إن سيوفنا لمسلولة
ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلا ينعين أحد إلا نفسه ثم انصرف خرجه صاحب فضائله وقال غريب.
شرح: النعي خبر الموت يقال نعاه نعياً ونعياناً بالضم وكذلك النعي على فعيل يقال
جاء نعي فلان وأجلب علينا أي تجمع يقال أجلبوا علينا وتألبوا أي اجتمعوا وأجلبه
أعانه
ذكر أن غيبته في منزله بالسنح حين وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم تكن إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن عائشة قالت رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض
الشيء فعصبت رأسي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وارأساه فقال بل أنا
وارأساه قالت ثم أرسل إلى نسائه فاستأذنهن أن تمرضه عائشة فأذن له قالت فمرضته
أياماً فدخل عليه أبو بكر فقال يا رسول الله إني أراك كأنك اليوم أمثل أتأذن لي أن
آتي أهلي فأذن له نبي الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فبينما أنا مسندته إلى
صدري إذ نظر كالرجل يريد من أهله الشيء قالت ثم نظر إلي فمال على صدري فسجيت عليه
وظننت أنه غشي عليه إذ جاء أبو بكر على فرس فاقتحم الفرس في الحجرة ثم نزل فدخل ثم
قال أي بنية ما شأنه فقلت والله ما أدري ما به إلا أنى كنت مسندته إلى صدري فانخنث
فمال فسجيته ولا أدري غشي عليه أم قبض خرجه الحافظ حمزة بن الحارث وعن عائشة أن
أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يديه
على صدغيه فقال وانبياه واخليلاه واصفياه خرجه ابن عرفة العبدي ولا تضاد بين هذا
على تقدير صحته وبين ما تقدم مما يضمن بيانه بأن يكون قد قال ذلك عن غير انزعاج
ولا قلق خافتاً به صوته ثم التفت إليهم وقال لهم ما قال.
ذكر شدة بأسه وثبات قلبه لما ارتدت العرب بعد وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر كيف
تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على
الله فقال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال
والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم
على منعها فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال
فعرفت أنه الحق أخرجاه وعنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب
وقالوا لا نؤدي زكاة فقال أبو بكر لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه فقلت يا خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم تألف الناس وارفق بهم فقال لي أجبار في الجاهلية
وخوار في الإسلام إنه قد انقطع الوحي وتم الدين أو ينقص وأنا حي خرجه النسائي بهذا
اللفظ ومعناه في الصحيحين وقد تقدم في ذكر قصة الغار وتقدم شرحه أيضاً وعن يحيى بن
عمرو عن أبيه عن جده قال لما امتنع من امتنع من دفع الزكاة إلى أبي بكر جمع أبو
بكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشاورهم في أمرهم فاختلفوا عليه فقال لعلي
ما تقول يا أبا الحسن قال أقول لك إن تركت شيئاً مما أخذه رسول الله صلى الله عليه
وسلم منهم فأنت على خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما لئن قلت ذاك
لأقاتلنهم وإن منعوني عقالاً أخرجه ابن السمان في الموافقة وعن أبي رجاء العطاردي
قال دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين ورأيت رجلاً يقبل رأس رجل وهو يقول أنا
فداؤك ولولا أنت لهلكنا فقلت من المقبل ومن المقبل قالوا ذاك عمر يقبل رأس أبي بكر
في قتاله أهل الردة إذ منعوا الزكاة حتى أتوا بها صاغرين خرجه في الصفوة وفي
فضائله وعن ابن مسعود أنه قال كرهنا ذلك ثم حمدناه في الانتهاء ورأيناه رشيداً
لولا ما فعل أبو بكر لألحد الناس في الزكاة إلى يوم القيامة خرجه القلعي.
شرح: أصل الإلحاد الميل والمراد أنهم كانوا يتركونها جاحدين
لوجوبها إلى يوم القيامة وإذا فعلوا ذلك فقد مالوا عن الحق وعن عائشة قالت خرج أبي
شاهراً سيفه راكباً راحلته يعني يوم الردة فجاء علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته
فقال إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول لك ما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم أحد شم سيفك لا تفجعنا بنفسك وارجع إلى المدينة والله لئن
أصبنا بك لا يكون بعدك نظام أبداً فرجع خرجه الخلعي وابن السمان في الموافقة
والفضائلي وصاحب الفضائل وزادوا مضي الجيش شرح شم سيفك أي اغمده ويقال سله وهو من
الأضداد وعن أبي هريرة أنه قال والله الذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف
ما عبد الله ثم قال الثانية ثم قال الثالثة فقيل له مه يا أبا هريرة فقال إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام فلما نزل بذي خشب
وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب حول المدينة فاجتمع عليه أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا بكر رد هؤلاء يتوجه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت
العرب فقال والله الذي لا إله إلا هو لو جرت الكلاب بأرجل أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم ما رددت جيشاً جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حللت لواء عقده
رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية والله لو علمت أن السباع تجر برجلي إن لم
أرده ما رددته عن وجه وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أسامة أن يمضي لوجهه
ذلك وفي رواية أن عمر هو القائل يا خليفة رسول الله إن العرب قد ارتدت على أعقابها
كفاراً كما قد علمت وأنت تريد أن تنفذ جيش أسامة وفي جيش أسامة جماعة العرب وأبطال
الناس فلو حبسته عندك لتقويت به على من ارتد من هؤلاء العرب فقال أبو بكر لو أني
علمت أن السباع تأكلني في هذه المدينة لأنفذن جيش أسامة كما قال صلى الله عليه
وسلم امضوا جيش أسامة فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا قال فوجه أسامة فجعل لا يمر
بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم
ولكنهم ندعهم حتى يلقوا الروم فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا
على الإسلام خرجه أبو عبيدة في كتاب الأحداث وأبو الحسن علي بن محمد القرشي في كتاب
الردة والفتوح والفضائلي الرازي والملاء في سيرته وذكر أبو الحسن علي بن محمد
القرشي أن أبا بكر أقبل على أسامة بن زيد وهو معسكر خارج المدينة وقال له امض رحمك
الله لوجهك الذي أمرك به النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقصر في أمرك فإن رأيت أن
تأذن لعمر بن الخطاب بالمقام عندي فإنه أستأنس به وأستعين برأيه فقال أسامة قد
فعلت ذلك وسار أسامة إلى الموضع الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج إليه
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال كان في بني سليم ردة فبعث إليهم أبو بكر خالد بن
الوليد فجمع رجالاً منهم في الحظائر ثم أحرقها عليهم بالنار فبلغ ذلك عمر فأتى أبا
بكر فقال تدع رجلاً يعذب بعذاب الله عز وجل فقال أبو بكر والله لا أشيم سيفاً سله
الله على عدوه حتى يكون هو الذي يشيمه ثم أمره فمضى من وجهه ذلك إلى مسيلمة خرجه
أبو معاوية ومنه.
ذكر ثباته عند الموت
عن عائشة قالت لما حضرت أبا بكر الوفاة أردت أن أكلمه في
طلحة بن عبيد الله فأتيته فإذا هو يحشرج فقلت إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر فقال
لها يا بنية أو غير ذلك "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد"
أجلسني فأجلسته فرفع يديه فقال اللهم إني لم آل خرجه أبو حذيفة في فتوح الشام.
مواضيع مماثلة
» ذكر اختصاصه بأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورته
» ذكر اختصاصه بالفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه كان أعلمهم بالأمور وأعلمهم به
» ذكر الغار وما جرى لأبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي طريقه وتقدم في الذكر قبله طرف منه
» الفصل الحادي عشر فيما جاء متضمناً صلاة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة
» الفصل الثامن في هجرته مع النبي
» ذكر اختصاصه بالفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه كان أعلمهم بالأمور وأعلمهم به
» ذكر الغار وما جرى لأبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي طريقه وتقدم في الذكر قبله طرف منه
» الفصل الحادي عشر فيما جاء متضمناً صلاة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة
» الفصل الثامن في هجرته مع النبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى