شبهات النصارى حول الإسلام 6
شبكة الميزان :: منتدي النصاري في الميزان :: هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ :: الأجوبة الجلية في الرد على الإفتراءات المسيحية
صفحة 1 من اصل 1
شبهات النصارى حول الإسلام 6
المحور الثاني : حول
ثبوتهاثار
النصارى شبهات تتعلق بثبوت القرآن الكريم ، فالنصارى يعتقدون أن القرآن كان عند
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نصوصاً متنافرة و حدها عثمان ، يقول سويجارت: " بعد
وفاته ( أي صلى الله عليه وسلم ) كان يوجد عدد لا بأس به من نسخ القرآن المتداولة
التي لم تستقر بعد…الخليفة عثمان كان عليه أن يوحد النصوص…لأن نصوصاً كثيرة من
القرآن كانت موجودة …بعث عثمان إلى كل إقليم إسلامي بنسخة مما تم نسخه ، و أمر أن
تحرق جميع المواد القرآنية الأخرى…، إن لم تكن متناقضة فإني أستغرب لماذا أمر
بإحراقها ؟".
و يقول
الحداد الخوري عن اقتصار عثمان في جمعه للقرآن على حرف واحد : " بذلك أضاعوا علينا
معرفة ما كان في الأحرف الستة من مباينات و مناقضات و اختلافات بالنسبة إلى الحرف
الذي أثبتوه و اقتصروا عليه".
و تحدث
الحداد أيضاً عما أسماه " الإصدار الثالث للقرآن " ، و قصد به المصحف الذي نقطه
الحجاج بن يوسف الثقفي ، و أراد الحداد أن يوهم بأن ثمة تبديلاً أو تغيراً طرأ على
القرآن حينذاك".
و تحدث
النصارى عن إسقاط المسلمين لبعض الآيات و السور القرآنية كآية رجم الزاني و سورة
الحفد و الخلع ، و يقول الخوري معقباً :"و هكذا فقد أسقط عثمان من الصحف قرآناً
كثيراً " .
و للرد
على هذه الشبهة شرح علماؤنا كيفية نزول القرآن و حفظه من قبل الصحابة في عهد النبي
صلى الله عليه وسلم و بعده.
و قبل أن
نشرع في تفصيل ذلك ننبه لأمرين هامين غفل عنهما النصارى أولهما: أن المسلمين لا
يسمون كل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً ، بل ما يطلق عليه " القرآن "
هو ما لم ينسخ تلاوة من الوحي ، و هو الذي تدارسه جبريل مع النبي صلى الله عليه
وسلم في العرضة الأخيرة قبيل وفاته صلى الله عليه وسلم.
و الأمر الثاني : أن
الأساس الذي حفظ القرآن ، و اعتمد عليه المسلمون هو حفظ الصدور و السطور ، و قد كان
الاهتمام بتدوين القرآن في الصحف أمراً متمماً موثقاً لحفظ
الصدور.
و قد نزل
القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم خلال ثلاث و عشرين سنة ، فكان صلى الله
عليه وسلم إذا نزلت السورة أو بعضها أمر الصحابة بكتابتها و وضعها في مكانها بين
سور القرآن وآياته ، و كان له كتاب مختصون بكتابة الوحي.
و توفي
رسول الله و لما يجمع هذا الكتاب المكتوب في مصحف واحد ، و ذلك لتتابع الوحي و عدم
انقطاعه ، و إن كان قد علم ترتيب السور و آياته.
و قد كان
أصل تنزل القرآن على حرف واحد ، فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته
فقال:"يا جبريل إني بعثت إلى أميين، منهم العجوز ، والشيخ الكبير، و الغلام و
الجارية ، والرجل الذي لم يقرأ كتاباً قط….." فاستجاب الله له و جعل نزول القرآن
على سبعة أحرف قال صلى الله عليه وسلم : " أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل
أستزيده و يزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف " ، و في رواية أخرى أن جبريل أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف. فقال أسأل
الله معافاته و مغفرته . و إن أمتي لا تطيق ذلك…إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن
على سبعة حروف ، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا " .
و حذر
رسول الله من المراء في الأحرف السبع فقال:" أنزل القرآن على سبعة أحرف ، على أي
حرف قرأتم أصبتم ، فلا تماروا ، فإن المراء كفر " .
و خبر
نزول القرآن على سبعة أحرف خبر متواتر أراد الله به التيسير على الأمة عند قراءتها
للقرآن الكريم ، و ليس في الأحاديث السابقة و غيرها ما يفهم منه أن هذه الأحرف كانت
نصوصاً مختلفة ، بل غاية ما فيه هو التسهيل في قراءة القرآن.
و قد ذكر
علماؤنا أن الأحرف هي وجوه في القراءة توافق لغات العرب مع السماح ببعض الإبدال
لحروف بعض الكلمات أو إبدال بعض الكلمات بدلاً لكلمات أخرى تقاربها في المعنى أو
ترادفها من غير مضادة و لا تناقض.
و قد حفظ
عدد من الصحابة القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما استحر القتل
بالقراء يوم اليمامة خشي الصحابة من ضياع القرآن فجمعه زيد بن ثابت في مصحف واحد
بعد أن تتبعه من مكتوبات الصحابة و محفوظاتهم ، واستوثق له بتواتر الصحابة وإجماعهم
، و كان هذا المصحف عند أبي بكر ثم عمر ثم حفصة رضي الله عن
الجميع.
و في عهد
عثمان أتى حذيفة بن اليمان من فتوح أذربيجان و أرمينيا يحذر عثماناً و يقول:" يا
أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود و النصارى ،
فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك ،
فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص
و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف ، و قال عثمان للرهط القرشيين
الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش
فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى
حفصة ، و أرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، و أمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة
أو مصحف أن يحرق " . و في رواية الترمذي" فاختلفوا في "التابوت" و" التابوة " ،
فقال القرشيون بالأول، و قال زيد بالثاني ، فرفعوا اختلافهم إلى عثمان ، فقال:
اكتبوه بالتابوت ، فإنه نزل بلسان قريش " .
و يفهم
من الحديث أن ما فعله عثمان هو نسخ صحف أبي بكر مع إعادة رسم الكتابة و جعلها حسب
لغة قريش ، و أهمل الجمع الأخير من الأحرف السبعة ما تعارض مع الرسم العثماني ، و
ليس في ذلك إهمال لنص القرآن ، بل عاد الصحابة للأصل الأول و هو لسان قريش بعد أن
زال سبب التخفيف و الرخصة التي أنزل الله من أجلها بقية الأحرف، و الذي دعا الصحابة
لهذا الصنيع خوفهم من تفرق الأمة و اختلافها بسبب هذه الرخصة التي فات محلها ، و
التي وقع الناس لجهلهم بحكمتها في المراء الذي حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم
منه. و قد كان فعل عثمان رضي الله عنه بإجماع الصحابة يقول علي رضي الله عنه : " لا
تقولوا في عثمان إلا خيراً ، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا "
.
و قد
امتثلت الأمة طائعة لأمر خليفتها، فأحرقوا ما في أيديهم من الصحف والمصاحف التي
كانت قد كتبت قبل العرضة الأخيرة ففيها ما نسخت تلاوته ،كما فيها بعض الأجزاء
الناقصة التي يخشى أن يظن بعد برهة بأنها هي الصحيح فقط .
و امتثال
الصحابة و فعلهم إقرار لعثمان على صحة ما فعله، و دليل على أن ما فعله عثمان هو
إعادة نسخ مصحف أبي بكر ، و لو كان في فعله شائبة لثاروا عليه ، كما ثار عليه البعض
حين ولى بعض أقاربه ، و من المعلوم أن عثمان لم يأمر عماله بمتابعة الناس في بيوتهم
و معرفة من أحرق و من لم يحرق ، فقد فعل المسلمون ذلك بمحض إرادتهم
.
و ما
أثبته عثمان في مصحفه هو العرضة الأخيرة كما أثبتها مصحف أبي بكر ، لذا اسقط منه كل
منسوخ تلاوة ، و مما يدل على دقة عثمان في جمعه أن عبد الله بن الزبير يقول:" قلت
لعثمان { و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير
إخراج } قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها ؟ أو تدعها ؟ قال: يا ابن أخي لا أغير
شيئاً منه عن مكانه" فلم يرفع عثمان الآية و هي منسوخة بآية سورة البقرة رقم:
234.
و أما
الحجاج فقد اقتصر فعله على وضع النقط، و لم يصنع سوى ذلك ، و لو صنع باطلاً لشنع
عليه أعداؤه في عهد بني أمية ثم بنو العباس ، و لكان فعله من الأمور التي يستمسك
بها أعداء دولته ، لكن شيئاً من ذلك لم يكن .
وقد صدق
وليم موير حين قال مافند دعاوي النصارى في كتابه " حياة محمد "، فقال :" إن نظم
القرآن ومحتوياته تنطق في قوة بدقة جمعه ، فقد ضمت الأجزاء المختلفة بعضها إلى بعض
ببساطة تامة ، لا تعسف فيها ولا تكلف ولا أثر لأحد في هذا الجمع سوى التأكد
والمراجعة لكل ما كتب ، وهو يشهد بإيمان الجامع وإخلاصه لما يجمع ، فهو لم يجرؤ على
أكثر من تناول هذه الآيات المقدسة ووضع بعضها إلى جانب بعض " .
المحور الثالث :
حول بعض المزاعم المثارة حول القرآن الكريمزعم النصارى أيضاً أن في القرآن تناقضات و أخطاء
تاريخية بل و لغوية كما زعموا أنه ليس بكتاب معجز بل يمكن للبشر أن يأتوا
بمثله.
أولاً
:التناقضاتو
من التناقضات التي تخيلها النصارى في آيات القرآن الكريم التناقض بين قوله تعالى {
ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } فهو يثبت النسخ في القرآن، و
يرونه مناقضاً لقوله تعالى { و اتل ما أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته } و لا
تناقض فالآية الأولى تتحدث عن نسخ الله بعض الأحكام وفقاً لمصلحة العباد ، فيما
تذكر الثانية أن أحداً غير الله لا يستطيع أن يبدل كلماته .
و كذا
توهم النصارى تناقضاً في قوله تعالى { في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون } و
قوله تعالى { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } وقالوا: اختلفت الآيتان في مقدار
يوم القيامة. لكن شلبي لا يراه تناقضاً لأن العدد لا مفهوم له في النصين ، بل يراد
منه الكثرة كما يقول الرجل: أرسلت خمسين رسالة ، و أتيتك عشرين مرة . و مراده
الكثرة .
و كذا
توهم النصارى تناقضاً في قوله تعالى { لا أقسم بهذا البلد } ، فرأوه مناقضاً
لإقسامه به في قوله تعالى { و هذا البلد الأمين } فظنوا أن لا في الآية الأولى
نافية ، و هي للتوكيد ، فتأتي في القسم كما في قوله { فلا وربك لا يؤمنون } أي أقسم
بربك .
و رأى
النصارى أيضاً أن ثمة تناقضاً في مفهوم القضاء و القدر في القرآن الكريم فقد جاءت
آيات تتحدث عن مسئولية الإنسان عن عمله ، و يرونه مناقضاً للنصوص التي تقرر هيمنة
الله على هذا الكون { فيضل الله من يشاء و يهدي من يشاء } و قوله تعالى { و لقد
ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن و الإنس } فأبان الجزيري عن معتقد المسلمين في القدر ،
و يتلخص في أن الإنسان لا يؤاخذ و لا يعاقب إلا بكسبه ، و لكن أعمال الإنسان الخيرة
و الشريرة مخلوقة لله يفعلها الإنسان باختياره ، و لولا خلق الله لها لما استطعنا
فعلها.
و يرى
الجزيري أن قوله { فيضل من يشاء } لا علاقة له بأفعال العباد ، بل هو في باب
الإخبار في أن الله قادر على أن يضل أو يهدي من يشاء بإرسال الرسل أو ترك البشرية
على ضلالتها ، لكنه برحمته أرسل الرسل.
و نقل
قولاً آخر يفسر الآية و هو أن الله يخلق الهداية للعبد الذي أرادها و سعى إليها
،كما يخلق الضلال لمن أراد العماية و الغواية.
و أما ما
جاء عن ختم الله على قلوب العصاة و الكفرة { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا
يؤمنون * ختم الله على قلوبهم و على سمعهم } فليس معناه أنهم ولدوا كذلك و قد ختم
الله على قلوبهم، بل هذا حصل لهم بمقتضى أعمالهم .
و يقرر
الجزيري أن مثل هذا اللبس يمكن أن يطرح على النصارى ، فبينما جاءت نصوص تقرر
مسئولية الإنسان عن عمله كما في (متى 12/ 336-37، 16/ 25) ، و غيرها جاء ما يفيد
بأن الله يضل من يشاء، ففي سفر حزقيال " النبي إذا ضل و تكلم بكلام ، فأنا الرب
أضللت ذلك النبي " (حزقيال 14/9) ، و قد أضل الله فرعون فقال: " إني أقسي قلب فرعون
" (الخروج 7/3) ، و يقول بولس عن الله " هو يرحم من يشاء و يقسي من يشاء، فتقول لي:
لماذا يلوم بعد؟ لأن من يقاوم مشيئته! بل من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله ؟
ألعل الجبلة تقول لجابلها لماذا صنعتني هكذا ؟ أم ليس للخزاف سلطان على الطين أن
يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة، و آخر للهوان ، فماذا إن كان الله و هو يريد أن
يظهر غضبه و يبين قوته احتمل بأناة كثيرة آنية غضب مهيأة للهلاك…" (رومية
9/18-22).
و في سفر
إشعيا أن الله "مصور النور خالق الظلمة و صانع السلام و خالق الشر . أنا الرب صانع
كل هذه " (إشعيا 45/7).
فهو خالق
الشر بما فيه الكفر الذي يقع فيه الناس فكيف يوفقون بين هذه النصوص؟
و هكذا
تعرض علماؤنا لما ساقه النصارى من نصوص توهموا منها التناقض و التعارض فأزالوا و
بينوا حقيقة المراد من النصوص و ما فيها من عموم و خصوص أو ناسخ و
منسوخ…
ثبوتهاثار
النصارى شبهات تتعلق بثبوت القرآن الكريم ، فالنصارى يعتقدون أن القرآن كان عند
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نصوصاً متنافرة و حدها عثمان ، يقول سويجارت: " بعد
وفاته ( أي صلى الله عليه وسلم ) كان يوجد عدد لا بأس به من نسخ القرآن المتداولة
التي لم تستقر بعد…الخليفة عثمان كان عليه أن يوحد النصوص…لأن نصوصاً كثيرة من
القرآن كانت موجودة …بعث عثمان إلى كل إقليم إسلامي بنسخة مما تم نسخه ، و أمر أن
تحرق جميع المواد القرآنية الأخرى…، إن لم تكن متناقضة فإني أستغرب لماذا أمر
بإحراقها ؟".
و يقول
الحداد الخوري عن اقتصار عثمان في جمعه للقرآن على حرف واحد : " بذلك أضاعوا علينا
معرفة ما كان في الأحرف الستة من مباينات و مناقضات و اختلافات بالنسبة إلى الحرف
الذي أثبتوه و اقتصروا عليه".
و تحدث
الحداد أيضاً عما أسماه " الإصدار الثالث للقرآن " ، و قصد به المصحف الذي نقطه
الحجاج بن يوسف الثقفي ، و أراد الحداد أن يوهم بأن ثمة تبديلاً أو تغيراً طرأ على
القرآن حينذاك".
و تحدث
النصارى عن إسقاط المسلمين لبعض الآيات و السور القرآنية كآية رجم الزاني و سورة
الحفد و الخلع ، و يقول الخوري معقباً :"و هكذا فقد أسقط عثمان من الصحف قرآناً
كثيراً " .
و للرد
على هذه الشبهة شرح علماؤنا كيفية نزول القرآن و حفظه من قبل الصحابة في عهد النبي
صلى الله عليه وسلم و بعده.
و قبل أن
نشرع في تفصيل ذلك ننبه لأمرين هامين غفل عنهما النصارى أولهما: أن المسلمين لا
يسمون كل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً ، بل ما يطلق عليه " القرآن "
هو ما لم ينسخ تلاوة من الوحي ، و هو الذي تدارسه جبريل مع النبي صلى الله عليه
وسلم في العرضة الأخيرة قبيل وفاته صلى الله عليه وسلم.
و الأمر الثاني : أن
الأساس الذي حفظ القرآن ، و اعتمد عليه المسلمون هو حفظ الصدور و السطور ، و قد كان
الاهتمام بتدوين القرآن في الصحف أمراً متمماً موثقاً لحفظ
الصدور.
و قد نزل
القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم خلال ثلاث و عشرين سنة ، فكان صلى الله
عليه وسلم إذا نزلت السورة أو بعضها أمر الصحابة بكتابتها و وضعها في مكانها بين
سور القرآن وآياته ، و كان له كتاب مختصون بكتابة الوحي.
و توفي
رسول الله و لما يجمع هذا الكتاب المكتوب في مصحف واحد ، و ذلك لتتابع الوحي و عدم
انقطاعه ، و إن كان قد علم ترتيب السور و آياته.
و قد كان
أصل تنزل القرآن على حرف واحد ، فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته
فقال:"يا جبريل إني بعثت إلى أميين، منهم العجوز ، والشيخ الكبير، و الغلام و
الجارية ، والرجل الذي لم يقرأ كتاباً قط….." فاستجاب الله له و جعل نزول القرآن
على سبعة أحرف قال صلى الله عليه وسلم : " أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل
أستزيده و يزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف " ، و في رواية أخرى أن جبريل أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف. فقال أسأل
الله معافاته و مغفرته . و إن أمتي لا تطيق ذلك…إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن
على سبعة حروف ، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا " .
و حذر
رسول الله من المراء في الأحرف السبع فقال:" أنزل القرآن على سبعة أحرف ، على أي
حرف قرأتم أصبتم ، فلا تماروا ، فإن المراء كفر " .
و خبر
نزول القرآن على سبعة أحرف خبر متواتر أراد الله به التيسير على الأمة عند قراءتها
للقرآن الكريم ، و ليس في الأحاديث السابقة و غيرها ما يفهم منه أن هذه الأحرف كانت
نصوصاً مختلفة ، بل غاية ما فيه هو التسهيل في قراءة القرآن.
و قد ذكر
علماؤنا أن الأحرف هي وجوه في القراءة توافق لغات العرب مع السماح ببعض الإبدال
لحروف بعض الكلمات أو إبدال بعض الكلمات بدلاً لكلمات أخرى تقاربها في المعنى أو
ترادفها من غير مضادة و لا تناقض.
و قد حفظ
عدد من الصحابة القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما استحر القتل
بالقراء يوم اليمامة خشي الصحابة من ضياع القرآن فجمعه زيد بن ثابت في مصحف واحد
بعد أن تتبعه من مكتوبات الصحابة و محفوظاتهم ، واستوثق له بتواتر الصحابة وإجماعهم
، و كان هذا المصحف عند أبي بكر ثم عمر ثم حفصة رضي الله عن
الجميع.
و في عهد
عثمان أتى حذيفة بن اليمان من فتوح أذربيجان و أرمينيا يحذر عثماناً و يقول:" يا
أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود و النصارى ،
فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك ،
فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص
و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف ، و قال عثمان للرهط القرشيين
الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش
فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى
حفصة ، و أرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، و أمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة
أو مصحف أن يحرق " . و في رواية الترمذي" فاختلفوا في "التابوت" و" التابوة " ،
فقال القرشيون بالأول، و قال زيد بالثاني ، فرفعوا اختلافهم إلى عثمان ، فقال:
اكتبوه بالتابوت ، فإنه نزل بلسان قريش " .
و يفهم
من الحديث أن ما فعله عثمان هو نسخ صحف أبي بكر مع إعادة رسم الكتابة و جعلها حسب
لغة قريش ، و أهمل الجمع الأخير من الأحرف السبعة ما تعارض مع الرسم العثماني ، و
ليس في ذلك إهمال لنص القرآن ، بل عاد الصحابة للأصل الأول و هو لسان قريش بعد أن
زال سبب التخفيف و الرخصة التي أنزل الله من أجلها بقية الأحرف، و الذي دعا الصحابة
لهذا الصنيع خوفهم من تفرق الأمة و اختلافها بسبب هذه الرخصة التي فات محلها ، و
التي وقع الناس لجهلهم بحكمتها في المراء الذي حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم
منه. و قد كان فعل عثمان رضي الله عنه بإجماع الصحابة يقول علي رضي الله عنه : " لا
تقولوا في عثمان إلا خيراً ، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا "
.
و قد
امتثلت الأمة طائعة لأمر خليفتها، فأحرقوا ما في أيديهم من الصحف والمصاحف التي
كانت قد كتبت قبل العرضة الأخيرة ففيها ما نسخت تلاوته ،كما فيها بعض الأجزاء
الناقصة التي يخشى أن يظن بعد برهة بأنها هي الصحيح فقط .
و امتثال
الصحابة و فعلهم إقرار لعثمان على صحة ما فعله، و دليل على أن ما فعله عثمان هو
إعادة نسخ مصحف أبي بكر ، و لو كان في فعله شائبة لثاروا عليه ، كما ثار عليه البعض
حين ولى بعض أقاربه ، و من المعلوم أن عثمان لم يأمر عماله بمتابعة الناس في بيوتهم
و معرفة من أحرق و من لم يحرق ، فقد فعل المسلمون ذلك بمحض إرادتهم
.
و ما
أثبته عثمان في مصحفه هو العرضة الأخيرة كما أثبتها مصحف أبي بكر ، لذا اسقط منه كل
منسوخ تلاوة ، و مما يدل على دقة عثمان في جمعه أن عبد الله بن الزبير يقول:" قلت
لعثمان { و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير
إخراج } قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها ؟ أو تدعها ؟ قال: يا ابن أخي لا أغير
شيئاً منه عن مكانه" فلم يرفع عثمان الآية و هي منسوخة بآية سورة البقرة رقم:
234.
و أما
الحجاج فقد اقتصر فعله على وضع النقط، و لم يصنع سوى ذلك ، و لو صنع باطلاً لشنع
عليه أعداؤه في عهد بني أمية ثم بنو العباس ، و لكان فعله من الأمور التي يستمسك
بها أعداء دولته ، لكن شيئاً من ذلك لم يكن .
وقد صدق
وليم موير حين قال مافند دعاوي النصارى في كتابه " حياة محمد "، فقال :" إن نظم
القرآن ومحتوياته تنطق في قوة بدقة جمعه ، فقد ضمت الأجزاء المختلفة بعضها إلى بعض
ببساطة تامة ، لا تعسف فيها ولا تكلف ولا أثر لأحد في هذا الجمع سوى التأكد
والمراجعة لكل ما كتب ، وهو يشهد بإيمان الجامع وإخلاصه لما يجمع ، فهو لم يجرؤ على
أكثر من تناول هذه الآيات المقدسة ووضع بعضها إلى جانب بعض " .
المحور الثالث :
حول بعض المزاعم المثارة حول القرآن الكريمزعم النصارى أيضاً أن في القرآن تناقضات و أخطاء
تاريخية بل و لغوية كما زعموا أنه ليس بكتاب معجز بل يمكن للبشر أن يأتوا
بمثله.
أولاً
:التناقضاتو
من التناقضات التي تخيلها النصارى في آيات القرآن الكريم التناقض بين قوله تعالى {
ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } فهو يثبت النسخ في القرآن، و
يرونه مناقضاً لقوله تعالى { و اتل ما أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته } و لا
تناقض فالآية الأولى تتحدث عن نسخ الله بعض الأحكام وفقاً لمصلحة العباد ، فيما
تذكر الثانية أن أحداً غير الله لا يستطيع أن يبدل كلماته .
و كذا
توهم النصارى تناقضاً في قوله تعالى { في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون } و
قوله تعالى { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } وقالوا: اختلفت الآيتان في مقدار
يوم القيامة. لكن شلبي لا يراه تناقضاً لأن العدد لا مفهوم له في النصين ، بل يراد
منه الكثرة كما يقول الرجل: أرسلت خمسين رسالة ، و أتيتك عشرين مرة . و مراده
الكثرة .
و كذا
توهم النصارى تناقضاً في قوله تعالى { لا أقسم بهذا البلد } ، فرأوه مناقضاً
لإقسامه به في قوله تعالى { و هذا البلد الأمين } فظنوا أن لا في الآية الأولى
نافية ، و هي للتوكيد ، فتأتي في القسم كما في قوله { فلا وربك لا يؤمنون } أي أقسم
بربك .
و رأى
النصارى أيضاً أن ثمة تناقضاً في مفهوم القضاء و القدر في القرآن الكريم فقد جاءت
آيات تتحدث عن مسئولية الإنسان عن عمله ، و يرونه مناقضاً للنصوص التي تقرر هيمنة
الله على هذا الكون { فيضل الله من يشاء و يهدي من يشاء } و قوله تعالى { و لقد
ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن و الإنس } فأبان الجزيري عن معتقد المسلمين في القدر ،
و يتلخص في أن الإنسان لا يؤاخذ و لا يعاقب إلا بكسبه ، و لكن أعمال الإنسان الخيرة
و الشريرة مخلوقة لله يفعلها الإنسان باختياره ، و لولا خلق الله لها لما استطعنا
فعلها.
و يرى
الجزيري أن قوله { فيضل من يشاء } لا علاقة له بأفعال العباد ، بل هو في باب
الإخبار في أن الله قادر على أن يضل أو يهدي من يشاء بإرسال الرسل أو ترك البشرية
على ضلالتها ، لكنه برحمته أرسل الرسل.
و نقل
قولاً آخر يفسر الآية و هو أن الله يخلق الهداية للعبد الذي أرادها و سعى إليها
،كما يخلق الضلال لمن أراد العماية و الغواية.
و أما ما
جاء عن ختم الله على قلوب العصاة و الكفرة { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا
يؤمنون * ختم الله على قلوبهم و على سمعهم } فليس معناه أنهم ولدوا كذلك و قد ختم
الله على قلوبهم، بل هذا حصل لهم بمقتضى أعمالهم .
و يقرر
الجزيري أن مثل هذا اللبس يمكن أن يطرح على النصارى ، فبينما جاءت نصوص تقرر
مسئولية الإنسان عن عمله كما في (متى 12/ 336-37، 16/ 25) ، و غيرها جاء ما يفيد
بأن الله يضل من يشاء، ففي سفر حزقيال " النبي إذا ضل و تكلم بكلام ، فأنا الرب
أضللت ذلك النبي " (حزقيال 14/9) ، و قد أضل الله فرعون فقال: " إني أقسي قلب فرعون
" (الخروج 7/3) ، و يقول بولس عن الله " هو يرحم من يشاء و يقسي من يشاء، فتقول لي:
لماذا يلوم بعد؟ لأن من يقاوم مشيئته! بل من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله ؟
ألعل الجبلة تقول لجابلها لماذا صنعتني هكذا ؟ أم ليس للخزاف سلطان على الطين أن
يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة، و آخر للهوان ، فماذا إن كان الله و هو يريد أن
يظهر غضبه و يبين قوته احتمل بأناة كثيرة آنية غضب مهيأة للهلاك…" (رومية
9/18-22).
و في سفر
إشعيا أن الله "مصور النور خالق الظلمة و صانع السلام و خالق الشر . أنا الرب صانع
كل هذه " (إشعيا 45/7).
فهو خالق
الشر بما فيه الكفر الذي يقع فيه الناس فكيف يوفقون بين هذه النصوص؟
و هكذا
تعرض علماؤنا لما ساقه النصارى من نصوص توهموا منها التناقض و التعارض فأزالوا و
بينوا حقيقة المراد من النصوص و ما فيها من عموم و خصوص أو ناسخ و
منسوخ…
مواضيع مماثلة
» شبهات النصارى حول الإسلام 2
» شبهات النصارى حول الإسلام 3
» شبهات النصارى حول الإسلام 5
» شبهات النصارى حول الإسلام 7
» شبهات النصارى حول الإسلام 8
» شبهات النصارى حول الإسلام 3
» شبهات النصارى حول الإسلام 5
» شبهات النصارى حول الإسلام 7
» شبهات النصارى حول الإسلام 8
شبكة الميزان :: منتدي النصاري في الميزان :: هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ :: الأجوبة الجلية في الرد على الإفتراءات المسيحية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى