الفصل السادس جدال معتاد حول الكتاب المقدس والتحريف :
شبكة الميزان :: منتدى الكتب المفرغة للرد علي النصاري :: قسم الكتب المفرغة للرد علي النصاري :: الحذف والتجديد في العهد الجديد
صفحة 1 من اصل 1
الفصل السادس جدال معتاد حول الكتاب المقدس والتحريف :
الفصل السادس
جدال معتاد حول الكتاب المقدس والتحريف
:
المسيحي: من الذي يجرؤ على تغيير كلام الله ، مع أن كلمة الله لا تتغير، ومن الذي يسمح لنفسه بذلك
؟
المسلم : بنفس المنطق الذي تتحدث به من الممكن التساؤل من الذي يعصي الله ؟ ومن
الذي يقتل إنسانًا خلقه الله ؟ إن الله تعالى أعطى للبشر حرية الاختيار بين الخير والشر,
والكثير منهم اختار الشر, ومن الشر تزييف الكتب وقتل الأنفس ظلمًا والسرقة والكذب
وغيرها، فالتحريف والقتل والسرقة والاغتصاب والظلم كلها أشياء نهى الله تعالى عنها
ولا تزال البشرية غارقة فيها, فمن غير المنطقي أن نقول لن يحدث التحريف لأنه حرام ونغلق أعيننا عن
آلاف المحرمات التي ترتكب وتستباح في كل وقت .
وبالنسبة للكتاب المقدس لو تتبعنا الأمور بدقة سنجد أن بعض الناس قد كتبوا روايات تاريخية ، أو أرسلوا رسائل وجاء جيل بعدهم أعطى قدسية لرسائلهم ولكتاباتهم واعتبر أن هذه الكتابات بوحي
من الله تعالى وأضافوها للكتاب ثم جاء جيل آخر فاتخذ رأي الجيل السابق شهادة موثوقا بها واستمروا في اعتبارها وحيا من الله
.
وبمراجعة سريعة لبعض النصوص من الكتاب المقدس :
1- قال بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس (7 : 25 ) :" وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ
مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ ، وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ
أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. (26):" فَأَظُنُّ
أَنَّ هَذَا حَسَنٌ ". , فكيف يقول إنه ليس عنده أمرٌ من الرب وسيعطي رأيه الشخصي في كتابٍ يُفترض
أنه جاء بالوحي ثم يقول : وأظن أن هذا
حسنًا ؟! فمن الذي يظن أن هذا حسن ؟ هل هو الوحي الإلهي الذي يظن أن هذا حسنا
أم بولس ؟! إن كان الظن من عند الله أو من الوحي فهذا افتراء واضح على الله تعالى ،
وإن كان الظن من بولس فأمره ليس من الله ، وليس من الوحي ؛ تأكيدًا لقوله السابق :
فليس عندي أمرٌ من الرب ولكنني أعطي رأيًا .
2 – في رسالة بولس الثانية إلى تيموثاس( 4 : 13 :" الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس أحضره متى جئت ، والكتب أيضًا ولا سيما
الرقوق".( , فهل من المعقول أن يكون
الوحي طلب من بولس أن يطلب من صديقه إرسال الرداء الذي نسيه ؟!
3 - في رسالة بولس)رومية 3 : 7 :" فإنه إن كان
صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده . فلماذا أُدانُ أنا بعدُ كخاطئ ؟ "). , فهل من العقل أن يقول الوحي الإلهي: إن كان صدق الله يزداد بالكذب الذي أكذبه، فلا لوم ؟
4- في رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس (7 : 12):" وأما الباقون فأقول
لهم : أنا ، لا الرب ، ....". وبالطبع لن يقول الوحي الإلهي : " أقول أنا لا الرب ". ونجد بولس يقول في نفس
الرسالة ( 1كورنثوس 7 :40:" ولكنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا بحسب رأيي وأظن أني
أنا أيضا عندي روح الله ".). وكما هو واضح ولا يحتاج تفسير , الرأي لبولس الذي يظن أن هذا رأيا
حسنا" ، فكيف يتم نسبة هذه الكتابات إلى الله ووضعها في كتاب يفترض أنه بالوحي
الإلهي ويتم أخذ التعاليم منه على أنها تعاليم ربانية ؟!
5- في رسالة بولس إلى رومية (رومية 16) :" أنا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هَذِهِ
الرِّسَالَةِ أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ ". (23) :" يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ
غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُس
خَازِنُ الْمَدِينَةِ وَكَوَارْتُسُ الأَخُ ".
فحتى كاتب الرسالة هنا الذي يسمى "ترتيوس" وضع سلاماته وتحياته في رسالة تم اعتبار قائلها يتكلم بالوحي وتم وضعها في الكتاب المقدس, ولكن الكاتب
لم يفعل هذا إلا تقليدًا لبولس الذي وضع
في نفس الرسالة حوالي 10 أسطر من السلامات والتحيات !.
6- في الأسفار القانونية الثانية كتب مؤلف سفر المكابيين الثاني في النهاية (المكابيين الثاني15 :39 :" فان كنت قد أحسنت التأليف وأصبت الغرض فذلك ما كنت أتمنى وان كان قد
لحقني الوهن والتقصير فإني قد بذلت وسعي "). فمن الذي أحسن التأليف ؟!.
فمن الواضح مما سبق أن الكلمات ليست كلمات الله ، وليست وحيًا من الله تعالى كما هو القول :"إن كنت قد أحسنت التأليف" .
المسيحي: إن مفهوم الوحي يختلف عندنا عن تصوركم,
فالوحي عندنا يوحى بالمعنى والكاتب يبحث ويُجِدّ
ليكتب.
المسلم : هناك احتمال من اثنين: إما أن يكون الكاتب كتب بالوحي الإلهي ومعنى ذلك
أنه لن يحتاج إلى مصادر أخرى ليكتب منها, وإما أن الكاتب كان يجتهد ويبحث ويُدوّن
بدون الاستعانة بالوحي الإلهي ويكون مصيبًا أو مخطئًا ولا يمكن اعتبار كتاباته موثوقا بها ثقة
عمياء, ونحن نعجب كل العجب عند الحديث عن "إنجيل متى" كمثال ( بالموسوعات العالمية
ومقدمة الكتاب المقدس للكاثوليك ) فيقال : إن " متى " اقتبس ونقل في إنجيله من
إنجيل "مرقس" ، أو إن "متى" استخدم إنجيل " مرقس" كمصدر من مصادره ! ومن الغريب أن يأتي "
متى " بإنجيل " مرقس " ويضعه أمامه وينقل منه بعض الفقرات ثم يقال: إن "متى" كان
يكتب بالوحي ، وسنبين هذا بالتفصيل عند الحديث عن العهد الجديد
.
المسيحي: ما ذنب الذين يؤمنون بأن الكتاب المقدس هو من عند الله تعالى؟ وهل الله
ظالم ليجعلهم يؤمنون بخطأ ويحاسبهم عليه
؟!
المسلم : لقد أعطانا الله تعالى عقلاً نستطيع التمييز به بين الحق والباطل, ولم
يفرض علينا إيمانًا أعمى, فالواجب علينا أن نتساءل ونبحث, فإن بحثت ووجدت أن كاتب الكتاب مجهولا
والنصوص مفقودة وحدثت تغييرات للنصوص الحديثة من إضافات وحذف ، ووجدت أن التعاليم
لا ترقى لمستوى الوحي الإلهي, فلماذا تظل تعتبره من عند الله تعالى ؟
فلو فرضنا أنني أعطيتك "الدستور الروسي" على
أساس أنه وحي إلهي, ألن تتساءل من الكاتب ، وكيف تغيّر، وما الدليل على الوحي؟
...إلى آخر هذه التساؤلات, فلماذا لا تتساءل عن كتابك هذه التساؤلات ؟!
المسيحي: هل الله لا يستطيع أن يحافظ على كلامه ؟ وهل الله لا يستطيع الحفاظ على
وحيه ؟ ولماذا تقول : حفظ الله القرآن ولم يحفظ التوراة والإنجيل ؟
المسلم :
أولاً : إن الله تعالى لو شاء أن يحفظ الكتاب بدون تحريف لما تم تحريفه ، فالحفظ مرتبط
بإرادة الله تعالى.
ثانيًا: إن الله تعالى أعطى أمانة حفظ الكتاب للأمم السابقة فضيعوا الأمانة. وشهد الله تعالى بالتحريف في الكتاب حسب المصادر
الإسلامية .
ثالثًا: لا يشهد الكتاب المقدس
على نفسه أنه وحيٌ من الله تعالى .
رابعًا :جاءت الكثير من النصوص بالكتاب المقدس على لسان
الأنبياء أن الناس يحرفون ويغيرون كلماته ، فالكتاب يشهد على نفسه بالتحريف.
(
إرميا 8: 8 ) :" كيف تقولون: نحنُ حكماء وشريعةُ الرّبِّ معَنا؟ أما تَرَونَ أنَّ قلمَ الكتبةِ الكاذِبَ حَوَّلَها إلى الكَذِبِ؟
".
وجاء في " المزامير" : أن داود عليه السلام يقول : إن أعداءه طوال اليوم
يحرفون كلامه .
) مزمور 56: 4):" ماذا يصنعه بي البشر؟ اليوم كله
يحرفون كلامي . عليّ كل أفكارهم بالشر".
وكاتب سفر إرميا يعترف بأن اليهود حرفوا كلمة الله : ( إرميا 23 : 36) :"أما وحي الرب فلا تذكروه بعدُ ؛ لأن كلمة كل إنسان
تكون وحيه إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ، الرَّبِّ الْقَدِيرِ،
إلهنا ".
خامسًا : عرضنا 170 تغييرا" بالحذف والإضافة فأي نسخة هي التي لم تحرف ؟
سادسًا : عرضنا بعض الفقرات بالعلى فنسألك هل هي
بوحيٍّ من الله تعالى أم لا ؟
سابعًا: تكفل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم
وأكّد هذا: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ]الحجر :9[ . ومن ضمن طرق الحفظ تيسير حفظه في الصدور،
فالقرآن كاملاً وبالتشكيل السليم, يحفظه الصبيان الذين لم تتجاوز أعمارهم الخمس
سنوات وهذا من إعجاز القرآن ، ويحفظه الشيخ فوق الثمانين ، ويوجد عشرات
الملايين في العالم يحفظونه كاملاً , وهذا من معجزات القرآن التي تبيّن صدق قوله تعالى :} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ
فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{ [القمر : 17] ، هذا في الوقت الذي لا نجد فيه
مسيحي واحد يحفظ عدة صفحات من الكتاب المقدس .
ثامنًا : الأحاديث النبوية الشريفة تماثل الكتاب
المقدس من حيث إنها أقوال تم نقل أغلبها عن طريق رواة لم يعاصروا النبي عليه الصلاة والسلام وتم تدوين
أغلبها لاحقًا بعدما يقرب من مائة عام من وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام, ولا
يجد المسلم حرجًا في مناقشة هل الحديث صحيح أم لا ؟ بل يرجع لعلماء الحديث في ذلك ؛
لأنهم وضعوا معايير وقواعد شديدة الدقة والتحري للحكم على الأحاديث.
فلا يقبل
حديث أحد رواته غير معروفين ، خلافًا للكتاب المقدس الذي يقبل كتبة لا يعرفهم.
ولا يقبل حديث أحد رواته مشهور عنهم الفسق والمعاصي أوالكذب والفجور ،
خلافًا للكتاب المقدس الذي نقل عن سليمان عليه السلام وفي نفس الوقت اتهمه بعبادة الأوثان في
نهاية حياته.
كما وضع علماء الحديث معايير أخرى تؤثر في درجة الحديث ويتقرر منها هل يستخدم هذا الحديث في
الأحكام والتشريعات أم لا ؟ ويمكن الرجوع لتفاصيل علم الحديث من الكتب المتخصصة في
ذلك، فالأحاديث وتصنيفها علم كبير في الإسلام ولا مقارنة بين الحديث وبين
الكتاب المقدس من حيث توخي الحذر في التدوين والتصنيف. هذا هو حال الأحاديث, فما
بالك بالقرآن الذي هو على نفس لفظه كما نزل من الله تعالى وأخبر به الرسول عليه
الصلاة والسلام ؟
تاسعًا : الاعتماد الرئيسي لحفظ القرآن الكريم كان
تيسير الله تعالى لحفظه وتناقله سماعًا للناس , هذا مع كتابته التي كانت عاملاً
مساعدًا للحفظ وليس عاملاً أساسيًا فإن حدث ووجدت نسخة من المصحف بها خطأ يتم
تصحيحها من القراءة المتواترة وليس تصحيح القراءة حسب نسخة المصحف ، فالمصحف تمت
كتابته من الحفظ وليس الحفظ نتج عن قراءة المكتوب . فالقرآن لا تستطيع قراءته
القراءة الصحيحة كما هو مكتوب بل تحتاج إلى من يرشدك إلى النطق السليم في المرات
الأُول، فالاعتماد على التلقي هو الأساس والكتابة عامل مساعد فقط
.
عاشرا" : يفرق المسلم جيدًا بين القرآن الذي هو
وحي بنفس اللفظ من الله وبين الأحاديث النبوية التي هي وحي من الله للرسول عليه
الصلاة والسلام وخرجت ألفاظها من الرسول عليه الصلاة والسلام وبين ما ليس بالوحي الإلهي مثل كتب الفقه وكتب التاريخ وكتب
السيرة ورسائل الخلفاء والصحابة, فلا يضع المسلم كل هذا في كتاب واحد ويطلق عليه
الكتاب الإسلامي المقدس ويقول إنه بوحيًّ من الله تعالى, هذا خلافًا للكتاب المقدس
الذي يحتوي على كلام الله وكلام أنبياء وقصص يرويها أشخاص غير الأنبياء. مثل (تثنية
34 :5) :" فَمَاتَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ بِمُوْجِبِ قَوْلِ
الرَّبِّ ".(6):" وَدَفَنَهُ فِي الْوَادِي فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ
فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ قَبْرَهُ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ ".
فالفقرة السابقة في أسفار موسى
ولا يعلم من كتبها!.
كما يحتوي على رسائل مثل الرسالة التي يقول فيها "بولس" (2 تيموثيوس 4 :11) :"لُوقَا
وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي
لِلْخِدْمَةِ ". (12) :" أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ ".
(13) :"اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ
مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضاً وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ..." إلخ.
المسيحي : ولكن القرآن شهد بصحة الكتاب المقدس في
أكثر من موضع .
المسلم : الرد على ذلك من عدة أوجه :
الوجه الأول : بالنسبة للقرآن الكريم أمامهم اختيار واحد من اختيارين:
1- الإيمان بأن القرآن الكريم من
عند الله تعالى ، ولذلك هو صالح للاستشهاد .
2- القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى ، وأنه مفترى من البشر ،
ولذلك لا أهمية للاستشهاد بما يعتقد الشخص أنه ليس من عند الله لإثبات صحة كتاب لا
يعلم أغلب كاتبيه.
الوجه الثاني : من المسلم به أن القرآن الكريم ليس له أكثر من مصدر أو أكثر من كاتب
فيجب الإيمان به كله أو تركه كله, وقد جاء في القرآن الكريم أقوال لله تعالى واضحة وصريحة مثل:
1-{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:58] .
2- قال تعالى :} مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ
كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { [المائدة : 75].
3- {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي
وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ
الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار} ]المائدة :72[ .
4- قال تعالى :} مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ
اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ{
[الأحزاب : 40].
فحسب الآيات السابقة : الإسلام هو دين الحق ، ومحمد عليه الصلاة والسلام
رسول الله ، والمسيح عليه السلام رسول
وليس إله ، وقد كفر من قال إن الله هو المسيح ، فهل من يحاول أن يثبت صحة الكتاب
المقدس أو صحة ألوهية السيد المسيح من القرآن يرضى بالآيات السابقة
؟!.
الوجه الثالث: جاء في القرآن الكريم بكل وضوح أن الكتب السابقة تعرضت للتحريف وهذا من علامات صدق القرآن الكريم وصدق نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام ،
الذي بين منذ أكثر من 1400عام أن اليهود والنصارى قد حرفوا كتبهم ، وقد أثبتت لنا
الأيام الضياع والإضافات والأخطاء والاختلافات بين النسخ في الكثير من المواضع كما
سبق بيانه. فقال الله تعالى:1- {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ
لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ
يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:75]
.
2-{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:
46] .
3- {وَإِنَّ مِنْهُمْ
لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ
هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى
اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:78].
الوجه الرابع : عندما يمدح القرآن الكريم التوراة أو الإنجيل فهو لا
يمدح الموجود الآن ؛ بل يمدح ما أنزله الله تعالى من كتب بأنها كانت تحتوي على نور
وهدى ، فالله تعالى لم يمدح نشيد الإنشاد , وزنا أهولة وأهوليبة وسلامات بولس !.
كتب الدكتور/ عمر بن عبد العزيز قريشي - حفظه الله: نحن أمرنا أن نؤمن
بما أنزل كما في قول الله تعالى: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ
وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة : 4] ولم نؤمر أن نؤمن بما بقي مما حرّف وبدّل (
نؤمن بما أنزل ولا نؤمن بما حرف وبدل ) ، فنحن مثلاً إذ نؤمن بالتوراة التي نزلت
على موسى ونعلم أن ذلك من الإيمان وقد
أخبرنا الله تعالى أن فيها هدى ونور وأثنى عليها في كتابه الخاتم فقال: {وَلَقَدْ
آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ}
[الأنبياء : 48] إلا أن هذه التوراة التي
نزلت على"موسى" عليه السلام غير موجودة بالمرة كما هو مسلم من الجميع ، أما التوراة
المتداولة الآن فقد قام بكتابتها أكثر من كاتب وفي أزمنة مختلفة وقد دخلها التحريف.
يقول الأستاذ محمد فريد وجدي رحمه الله : "ومن الأدلة الحسية أن التوراة المتداولة
لدى النصارى تخالف التوراة المتداولة عند اليهود . وقد أثبت القرآن هذا التحريف
ونعى على اليهود التغيير والتبديل الذي أدخلوه على التوراة في أكثر من
موضع".[1]
الوجه الرابع : الرد على استشهادهم بآيات من القرآن
الكريم لإثبات أن الكتاب المقدس لم يحرف:
1- يدّعون أن القرآن يطلب من أهل الإنجيل الحكم بالكتاب ! معنى هذا: أنه لم يحرف
!
{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ
يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة :
47].
الرد :
في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه}
قرىء {وليَحكُم} أي وآتيناه الإنجيل ؛ ليحكم أهل ملته به في زمانهم. وقرىء {وليحكم}
بالجزم على أن اللام لام الأمر، أي: ليؤمنوا بجميع ما فيه، وليقيموا ما أمروا به
فيه وبما فيه من البشارة ببعثة محمد والأمر بإتباعه وتصديقه إذا وجد، كما قال تعالى
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ
التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ...}الآية
[المائدة:68] وتفسير الآية السابقة كما في المصدر السابق:
يقول تعالى: قل يا محمد: {يا
أهل الكتاب لستم على شيء} أي من الدين حتى تقيموا التوراة والإنجيل، أي( حتى تؤمنوا
بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من اللّه على الأنبياء)، وتعملوا بما فيها، ومما
فيها الإيمان بمحمد والأمر بإتباعه صلى اللّه عليه وسلم والإيمان بمبعثه والإقتداء
بشريعته، ولهذا قال ليث بن أبي سليم عن مجاهد في قوله { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم
مِّن رَّبِّكُمْ }: يعني القرآن العظيم.
2- يدعون أن القرآن الكريم جاء مصدقًا للتوراة والإنجيل كما في قول الله تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ
..} الآية [المائدة:48]
الرد : حسب
ما جاء بمختصر تفسير ابن كثير للصابوني : {مصدقًا لما بين يديه من الكتاب} أي
من الكتب المتقدمة المتضمنة ذكره ومدحه)، وأنه سينزل من عند اللّه على عبده ورسوله
محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال ابن عباس: أي مؤتمنًا
عليه، وعنه أيضًا المهيمن (الأمين) قال:
القرآن أمينٌ على كل كتاب قبله . وقال ابن جريج :القرآن أمينٌ على الكتب المتقدمة
قبله ، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل
.وفي تفسير البغوي : مصدقًا لما قبله من
الكتب في التوحيد والنبوات والأخبار وبعض الشرائع .
3- يدّعون أن القرآن الكريم يطلب من النبي الاستشهاد بالكتاب المقدس مما يعني عدم تحريفه حتى ظهور
الإسلام :
قال الله تعالى : {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ
يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ
تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [يونس : 94]
.
الرد :
أ- بقية الآية الكريمة التي لا يأتون بها كاملة عند استشهادهم {لَقَدْ
جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} وهو ردٍ كاف.
ب- هل لو كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد افترى
القرآن ، هل كان سيقول هذا في القرآن ؟! .
ج- في اللغة يتم استخدام أداة الشرط ( إن) في حالة بُعد الاحتمالية ، ويتم استخدام إذا في
حالة قرب الاحتمال.
د- جاء في مختصر تفسير ابن كثير
للصابوني: هذا شرط والشرط لا يقتضي وقوعه ، ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "لا أشك ولا أسأل".
هـ- في التفسير الميسر: فإن كنت أيها الرسول في ريب من حقيقة ما
أخبرناك به فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل، فإن ذلك
ثابت في كتبهم، لقد جاءك الحق اليقين من ربك بأنك رسول الله ، وأن هؤلاء اليهود
والنصارى يعلمون صحة ذلك، ويجدون صفتك في كتبهم ، ولكنهم ينكرون ذلك مع علمهم به ،
فلا تكوننَّ من الشاكِّين في صحة ذلك وحقيقته.
و- جاء قول الله تعالى في أكثر من
موضع في القرآن مستخدما" ( إن ) بحيث لا تفيد وقوع الاحتمال بل تفيد استحالة وقوع
الأمر مثل :
- " قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ
" [الزخرف : 81] , التي تم نفيها بقول الله تعالى
" وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً " [مريم : 92]
كذلك قوله تعالى :
" وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ " [البقرة : 116]
"وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ
مُّكْرَمُونَ " [الأنبياء : 26]
- " قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا
يَنطِقُونَ [الأنبياء : 63]
ويعلم إبراهيم عليه السلام أنهم لا ينطقون.
- " ... َفإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً
فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى
الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ " [الأنعام : 35]
ولا يستطيع الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبتغي نفقا" في الأرض أو
سلما" في السماء ليأتي بآية إلا بتأييد الله تعالى.
فاستخدام ( إن ) لا يفيد الاحتمال أبدا" في الآية
السابقة.
وإنما هذا من جنس كلام المتيقن , كما تقول : إن ككنت غير مصدق
فاسأل.
" قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً
مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "[البقرة : 94]
" فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ "[الطور : 34]
" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا
صَادِقِينَ " [القلم : 41]
4- يدّعون أن القرآن يشهد أن الذين أنزل عليهم الكتاب كانوا يعرفون
الكتاب كما يعرفون أبناءهم فمعنى ذلك أنه لم يكن حُرف كما في الآية:
{الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ
فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
[البقرة:146].
الرد: الضمير في قوله (يعرفونه) لا يعود على
الكتاب بل على النبي صلى الله عليه وسلم ففي تفسير
الجلالين: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ
} أي : محمدًا {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} أي: بنعته في كتبهم ، قال ابن سلام: لقد عرفته حين رأيته
كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد
أشدّ .
وفي مختصر تفسير ابن كثير للصابوني: يخبر تعالى أن علماء أهل الكتاب يعرفون
صحة ما جاءهم به الرسول صلى اللّه عليه وسلم كما يعرف أحدهم
ولده.
5- يدّعون أن القرآن يذكر أن حكم الله موجود بالكتاب المقدس مما يعني
أنه لم يحرف
فى قوله تعالى {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ
فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ
بِالْمُؤْمِنِينَ} [المائدة : 43].
الرد : كما ذُكر من قبل أن الكتاب المقدس يختلط
فيه كلام الله تعالى مع كلام البشر، وقد نزلت الآية في اليهود الذين ذهبوا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليحكم في رجل وامرأة وقعا في الزنا ، فأنزل الله
تعالى الآية السابقة التي تبيّن أن الحكم موجود عندهم في التوراة ولم يتغير من ضمن
ما بدل وتغير فيها. والحكم موجود حتى الآن بسفر التثنية كما
يلي:
(التثنية 22 :22):"وَإِذَا ضَبَطْتُمْ رَجُلاً مُضْطَجِعاً مَعَ
امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ تَقْتُلُونَهُمَا كِلَيْهِمَا، فَتَنْزِعُونَ الشَّرَّ
مِنْ وَسَطِكُم)23):" وَإِذَا الْتَقَى رَجُلٌ بِفَتَاةٍ
مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ آخَرَ فِي الْمَدِينَةِ وَضَاجَعَهَا،(24):"فَأَخْرِجُوهُمَا
كِلَيْهِمَا إِلَى سَاحَةِ بَوَّابَةِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَارْجُمُوهُمَا
بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا".
في التفسير الميسر: إنَّ صنيع هؤلاء اليهود عجيب ، فهم
يحتكمون إليك أيها الرسول ، وهم لا يؤمنون بك ، ولا بكتابك مع أن التوراة التي
يؤمنون بها عندهم فيها حكم الله ، ثم يتولَّون من بعد حكمك إذا لم يُرضهم ، فجمعوا
بين الكفر بشريعتهم، والإعراض عن حكمك ، وليس أولئك المتصفون بتلك الصفات المؤمنين
بالله وبك وبما تحكم به.
ونص الحديث:عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:" أن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا فقال لهم:
كيف تفعلون بمن زنى منكم ؟ قالوا : نحممهما ونضربهما، فقال: لا تجدون في التوراة
الرجم ؟ فقالوا: لا نجد فيها شيئا، فقال لهم عبدالله بن سلام : كذبتم ، فأتوا بالتوراة فاتلوها
إن كنتم صادقين ، فوضع مدرسها الذي يدرسها منهم ك
جدال معتاد حول الكتاب المقدس والتحريف
:
المسيحي: من الذي يجرؤ على تغيير كلام الله ، مع أن كلمة الله لا تتغير، ومن الذي يسمح لنفسه بذلك
؟
المسلم : بنفس المنطق الذي تتحدث به من الممكن التساؤل من الذي يعصي الله ؟ ومن
الذي يقتل إنسانًا خلقه الله ؟ إن الله تعالى أعطى للبشر حرية الاختيار بين الخير والشر,
والكثير منهم اختار الشر, ومن الشر تزييف الكتب وقتل الأنفس ظلمًا والسرقة والكذب
وغيرها، فالتحريف والقتل والسرقة والاغتصاب والظلم كلها أشياء نهى الله تعالى عنها
ولا تزال البشرية غارقة فيها, فمن غير المنطقي أن نقول لن يحدث التحريف لأنه حرام ونغلق أعيننا عن
آلاف المحرمات التي ترتكب وتستباح في كل وقت .
وبالنسبة للكتاب المقدس لو تتبعنا الأمور بدقة سنجد أن بعض الناس قد كتبوا روايات تاريخية ، أو أرسلوا رسائل وجاء جيل بعدهم أعطى قدسية لرسائلهم ولكتاباتهم واعتبر أن هذه الكتابات بوحي
من الله تعالى وأضافوها للكتاب ثم جاء جيل آخر فاتخذ رأي الجيل السابق شهادة موثوقا بها واستمروا في اعتبارها وحيا من الله
.
وبمراجعة سريعة لبعض النصوص من الكتاب المقدس :
1- قال بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس (7 : 25 ) :" وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ
مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ ، وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ
أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. (26):" فَأَظُنُّ
أَنَّ هَذَا حَسَنٌ ". , فكيف يقول إنه ليس عنده أمرٌ من الرب وسيعطي رأيه الشخصي في كتابٍ يُفترض
أنه جاء بالوحي ثم يقول : وأظن أن هذا
حسنًا ؟! فمن الذي يظن أن هذا حسن ؟ هل هو الوحي الإلهي الذي يظن أن هذا حسنا
أم بولس ؟! إن كان الظن من عند الله أو من الوحي فهذا افتراء واضح على الله تعالى ،
وإن كان الظن من بولس فأمره ليس من الله ، وليس من الوحي ؛ تأكيدًا لقوله السابق :
فليس عندي أمرٌ من الرب ولكنني أعطي رأيًا .
2 – في رسالة بولس الثانية إلى تيموثاس( 4 : 13 :" الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس أحضره متى جئت ، والكتب أيضًا ولا سيما
الرقوق".( , فهل من المعقول أن يكون
الوحي طلب من بولس أن يطلب من صديقه إرسال الرداء الذي نسيه ؟!
3 - في رسالة بولس)رومية 3 : 7 :" فإنه إن كان
صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده . فلماذا أُدانُ أنا بعدُ كخاطئ ؟ "). , فهل من العقل أن يقول الوحي الإلهي: إن كان صدق الله يزداد بالكذب الذي أكذبه، فلا لوم ؟
4- في رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس (7 : 12):" وأما الباقون فأقول
لهم : أنا ، لا الرب ، ....". وبالطبع لن يقول الوحي الإلهي : " أقول أنا لا الرب ". ونجد بولس يقول في نفس
الرسالة ( 1كورنثوس 7 :40:" ولكنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا بحسب رأيي وأظن أني
أنا أيضا عندي روح الله ".). وكما هو واضح ولا يحتاج تفسير , الرأي لبولس الذي يظن أن هذا رأيا
حسنا" ، فكيف يتم نسبة هذه الكتابات إلى الله ووضعها في كتاب يفترض أنه بالوحي
الإلهي ويتم أخذ التعاليم منه على أنها تعاليم ربانية ؟!
5- في رسالة بولس إلى رومية (رومية 16) :" أنا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هَذِهِ
الرِّسَالَةِ أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ ". (23) :" يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ
غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُس
خَازِنُ الْمَدِينَةِ وَكَوَارْتُسُ الأَخُ ".
فحتى كاتب الرسالة هنا الذي يسمى "ترتيوس" وضع سلاماته وتحياته في رسالة تم اعتبار قائلها يتكلم بالوحي وتم وضعها في الكتاب المقدس, ولكن الكاتب
لم يفعل هذا إلا تقليدًا لبولس الذي وضع
في نفس الرسالة حوالي 10 أسطر من السلامات والتحيات !.
6- في الأسفار القانونية الثانية كتب مؤلف سفر المكابيين الثاني في النهاية (المكابيين الثاني15 :39 :" فان كنت قد أحسنت التأليف وأصبت الغرض فذلك ما كنت أتمنى وان كان قد
لحقني الوهن والتقصير فإني قد بذلت وسعي "). فمن الذي أحسن التأليف ؟!.
فمن الواضح مما سبق أن الكلمات ليست كلمات الله ، وليست وحيًا من الله تعالى كما هو القول :"إن كنت قد أحسنت التأليف" .
المسيحي: إن مفهوم الوحي يختلف عندنا عن تصوركم,
فالوحي عندنا يوحى بالمعنى والكاتب يبحث ويُجِدّ
ليكتب.
المسلم : هناك احتمال من اثنين: إما أن يكون الكاتب كتب بالوحي الإلهي ومعنى ذلك
أنه لن يحتاج إلى مصادر أخرى ليكتب منها, وإما أن الكاتب كان يجتهد ويبحث ويُدوّن
بدون الاستعانة بالوحي الإلهي ويكون مصيبًا أو مخطئًا ولا يمكن اعتبار كتاباته موثوقا بها ثقة
عمياء, ونحن نعجب كل العجب عند الحديث عن "إنجيل متى" كمثال ( بالموسوعات العالمية
ومقدمة الكتاب المقدس للكاثوليك ) فيقال : إن " متى " اقتبس ونقل في إنجيله من
إنجيل "مرقس" ، أو إن "متى" استخدم إنجيل " مرقس" كمصدر من مصادره ! ومن الغريب أن يأتي "
متى " بإنجيل " مرقس " ويضعه أمامه وينقل منه بعض الفقرات ثم يقال: إن "متى" كان
يكتب بالوحي ، وسنبين هذا بالتفصيل عند الحديث عن العهد الجديد
.
المسيحي: ما ذنب الذين يؤمنون بأن الكتاب المقدس هو من عند الله تعالى؟ وهل الله
ظالم ليجعلهم يؤمنون بخطأ ويحاسبهم عليه
؟!
المسلم : لقد أعطانا الله تعالى عقلاً نستطيع التمييز به بين الحق والباطل, ولم
يفرض علينا إيمانًا أعمى, فالواجب علينا أن نتساءل ونبحث, فإن بحثت ووجدت أن كاتب الكتاب مجهولا
والنصوص مفقودة وحدثت تغييرات للنصوص الحديثة من إضافات وحذف ، ووجدت أن التعاليم
لا ترقى لمستوى الوحي الإلهي, فلماذا تظل تعتبره من عند الله تعالى ؟
فلو فرضنا أنني أعطيتك "الدستور الروسي" على
أساس أنه وحي إلهي, ألن تتساءل من الكاتب ، وكيف تغيّر، وما الدليل على الوحي؟
...إلى آخر هذه التساؤلات, فلماذا لا تتساءل عن كتابك هذه التساؤلات ؟!
المسيحي: هل الله لا يستطيع أن يحافظ على كلامه ؟ وهل الله لا يستطيع الحفاظ على
وحيه ؟ ولماذا تقول : حفظ الله القرآن ولم يحفظ التوراة والإنجيل ؟
المسلم :
أولاً : إن الله تعالى لو شاء أن يحفظ الكتاب بدون تحريف لما تم تحريفه ، فالحفظ مرتبط
بإرادة الله تعالى.
ثانيًا: إن الله تعالى أعطى أمانة حفظ الكتاب للأمم السابقة فضيعوا الأمانة. وشهد الله تعالى بالتحريف في الكتاب حسب المصادر
الإسلامية .
ثالثًا: لا يشهد الكتاب المقدس
على نفسه أنه وحيٌ من الله تعالى .
رابعًا :جاءت الكثير من النصوص بالكتاب المقدس على لسان
الأنبياء أن الناس يحرفون ويغيرون كلماته ، فالكتاب يشهد على نفسه بالتحريف.
(
إرميا 8: 8 ) :" كيف تقولون: نحنُ حكماء وشريعةُ الرّبِّ معَنا؟ أما تَرَونَ أنَّ قلمَ الكتبةِ الكاذِبَ حَوَّلَها إلى الكَذِبِ؟
".
وجاء في " المزامير" : أن داود عليه السلام يقول : إن أعداءه طوال اليوم
يحرفون كلامه .
) مزمور 56: 4):" ماذا يصنعه بي البشر؟ اليوم كله
يحرفون كلامي . عليّ كل أفكارهم بالشر".
وكاتب سفر إرميا يعترف بأن اليهود حرفوا كلمة الله : ( إرميا 23 : 36) :"أما وحي الرب فلا تذكروه بعدُ ؛ لأن كلمة كل إنسان
تكون وحيه إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ، الرَّبِّ الْقَدِيرِ،
إلهنا ".
خامسًا : عرضنا 170 تغييرا" بالحذف والإضافة فأي نسخة هي التي لم تحرف ؟
سادسًا : عرضنا بعض الفقرات بالعلى فنسألك هل هي
بوحيٍّ من الله تعالى أم لا ؟
سابعًا: تكفل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم
وأكّد هذا: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ]الحجر :9[ . ومن ضمن طرق الحفظ تيسير حفظه في الصدور،
فالقرآن كاملاً وبالتشكيل السليم, يحفظه الصبيان الذين لم تتجاوز أعمارهم الخمس
سنوات وهذا من إعجاز القرآن ، ويحفظه الشيخ فوق الثمانين ، ويوجد عشرات
الملايين في العالم يحفظونه كاملاً , وهذا من معجزات القرآن التي تبيّن صدق قوله تعالى :} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ
فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{ [القمر : 17] ، هذا في الوقت الذي لا نجد فيه
مسيحي واحد يحفظ عدة صفحات من الكتاب المقدس .
ثامنًا : الأحاديث النبوية الشريفة تماثل الكتاب
المقدس من حيث إنها أقوال تم نقل أغلبها عن طريق رواة لم يعاصروا النبي عليه الصلاة والسلام وتم تدوين
أغلبها لاحقًا بعدما يقرب من مائة عام من وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام, ولا
يجد المسلم حرجًا في مناقشة هل الحديث صحيح أم لا ؟ بل يرجع لعلماء الحديث في ذلك ؛
لأنهم وضعوا معايير وقواعد شديدة الدقة والتحري للحكم على الأحاديث.
فلا يقبل
حديث أحد رواته غير معروفين ، خلافًا للكتاب المقدس الذي يقبل كتبة لا يعرفهم.
ولا يقبل حديث أحد رواته مشهور عنهم الفسق والمعاصي أوالكذب والفجور ،
خلافًا للكتاب المقدس الذي نقل عن سليمان عليه السلام وفي نفس الوقت اتهمه بعبادة الأوثان في
نهاية حياته.
كما وضع علماء الحديث معايير أخرى تؤثر في درجة الحديث ويتقرر منها هل يستخدم هذا الحديث في
الأحكام والتشريعات أم لا ؟ ويمكن الرجوع لتفاصيل علم الحديث من الكتب المتخصصة في
ذلك، فالأحاديث وتصنيفها علم كبير في الإسلام ولا مقارنة بين الحديث وبين
الكتاب المقدس من حيث توخي الحذر في التدوين والتصنيف. هذا هو حال الأحاديث, فما
بالك بالقرآن الذي هو على نفس لفظه كما نزل من الله تعالى وأخبر به الرسول عليه
الصلاة والسلام ؟
تاسعًا : الاعتماد الرئيسي لحفظ القرآن الكريم كان
تيسير الله تعالى لحفظه وتناقله سماعًا للناس , هذا مع كتابته التي كانت عاملاً
مساعدًا للحفظ وليس عاملاً أساسيًا فإن حدث ووجدت نسخة من المصحف بها خطأ يتم
تصحيحها من القراءة المتواترة وليس تصحيح القراءة حسب نسخة المصحف ، فالمصحف تمت
كتابته من الحفظ وليس الحفظ نتج عن قراءة المكتوب . فالقرآن لا تستطيع قراءته
القراءة الصحيحة كما هو مكتوب بل تحتاج إلى من يرشدك إلى النطق السليم في المرات
الأُول، فالاعتماد على التلقي هو الأساس والكتابة عامل مساعد فقط
.
عاشرا" : يفرق المسلم جيدًا بين القرآن الذي هو
وحي بنفس اللفظ من الله وبين الأحاديث النبوية التي هي وحي من الله للرسول عليه
الصلاة والسلام وخرجت ألفاظها من الرسول عليه الصلاة والسلام وبين ما ليس بالوحي الإلهي مثل كتب الفقه وكتب التاريخ وكتب
السيرة ورسائل الخلفاء والصحابة, فلا يضع المسلم كل هذا في كتاب واحد ويطلق عليه
الكتاب الإسلامي المقدس ويقول إنه بوحيًّ من الله تعالى, هذا خلافًا للكتاب المقدس
الذي يحتوي على كلام الله وكلام أنبياء وقصص يرويها أشخاص غير الأنبياء. مثل (تثنية
34 :5) :" فَمَاتَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ بِمُوْجِبِ قَوْلِ
الرَّبِّ ".(6):" وَدَفَنَهُ فِي الْوَادِي فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ
فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ قَبْرَهُ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ ".
فالفقرة السابقة في أسفار موسى
ولا يعلم من كتبها!.
كما يحتوي على رسائل مثل الرسالة التي يقول فيها "بولس" (2 تيموثيوس 4 :11) :"لُوقَا
وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي
لِلْخِدْمَةِ ". (12) :" أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ ".
(13) :"اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ
مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضاً وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ..." إلخ.
المسيحي : ولكن القرآن شهد بصحة الكتاب المقدس في
أكثر من موضع .
المسلم : الرد على ذلك من عدة أوجه :
الوجه الأول : بالنسبة للقرآن الكريم أمامهم اختيار واحد من اختيارين:
1- الإيمان بأن القرآن الكريم من
عند الله تعالى ، ولذلك هو صالح للاستشهاد .
2- القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى ، وأنه مفترى من البشر ،
ولذلك لا أهمية للاستشهاد بما يعتقد الشخص أنه ليس من عند الله لإثبات صحة كتاب لا
يعلم أغلب كاتبيه.
الوجه الثاني : من المسلم به أن القرآن الكريم ليس له أكثر من مصدر أو أكثر من كاتب
فيجب الإيمان به كله أو تركه كله, وقد جاء في القرآن الكريم أقوال لله تعالى واضحة وصريحة مثل:
1-{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:58] .
2- قال تعالى :} مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ
كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { [المائدة : 75].
3- {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي
وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ
الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار} ]المائدة :72[ .
4- قال تعالى :} مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ
اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ{
[الأحزاب : 40].
فحسب الآيات السابقة : الإسلام هو دين الحق ، ومحمد عليه الصلاة والسلام
رسول الله ، والمسيح عليه السلام رسول
وليس إله ، وقد كفر من قال إن الله هو المسيح ، فهل من يحاول أن يثبت صحة الكتاب
المقدس أو صحة ألوهية السيد المسيح من القرآن يرضى بالآيات السابقة
؟!.
الوجه الثالث: جاء في القرآن الكريم بكل وضوح أن الكتب السابقة تعرضت للتحريف وهذا من علامات صدق القرآن الكريم وصدق نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام ،
الذي بين منذ أكثر من 1400عام أن اليهود والنصارى قد حرفوا كتبهم ، وقد أثبتت لنا
الأيام الضياع والإضافات والأخطاء والاختلافات بين النسخ في الكثير من المواضع كما
سبق بيانه. فقال الله تعالى:1- {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ
لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ
يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:75]
.
2-{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:
46] .
3- {وَإِنَّ مِنْهُمْ
لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ
هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى
اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:78].
الوجه الرابع : عندما يمدح القرآن الكريم التوراة أو الإنجيل فهو لا
يمدح الموجود الآن ؛ بل يمدح ما أنزله الله تعالى من كتب بأنها كانت تحتوي على نور
وهدى ، فالله تعالى لم يمدح نشيد الإنشاد , وزنا أهولة وأهوليبة وسلامات بولس !.
كتب الدكتور/ عمر بن عبد العزيز قريشي - حفظه الله: نحن أمرنا أن نؤمن
بما أنزل كما في قول الله تعالى: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ
وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة : 4] ولم نؤمر أن نؤمن بما بقي مما حرّف وبدّل (
نؤمن بما أنزل ولا نؤمن بما حرف وبدل ) ، فنحن مثلاً إذ نؤمن بالتوراة التي نزلت
على موسى ونعلم أن ذلك من الإيمان وقد
أخبرنا الله تعالى أن فيها هدى ونور وأثنى عليها في كتابه الخاتم فقال: {وَلَقَدْ
آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ}
[الأنبياء : 48] إلا أن هذه التوراة التي
نزلت على"موسى" عليه السلام غير موجودة بالمرة كما هو مسلم من الجميع ، أما التوراة
المتداولة الآن فقد قام بكتابتها أكثر من كاتب وفي أزمنة مختلفة وقد دخلها التحريف.
يقول الأستاذ محمد فريد وجدي رحمه الله : "ومن الأدلة الحسية أن التوراة المتداولة
لدى النصارى تخالف التوراة المتداولة عند اليهود . وقد أثبت القرآن هذا التحريف
ونعى على اليهود التغيير والتبديل الذي أدخلوه على التوراة في أكثر من
موضع".[1]
الوجه الرابع : الرد على استشهادهم بآيات من القرآن
الكريم لإثبات أن الكتاب المقدس لم يحرف:
1- يدّعون أن القرآن يطلب من أهل الإنجيل الحكم بالكتاب ! معنى هذا: أنه لم يحرف
!
{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ
يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة :
47].
الرد :
في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه}
قرىء {وليَحكُم} أي وآتيناه الإنجيل ؛ ليحكم أهل ملته به في زمانهم. وقرىء {وليحكم}
بالجزم على أن اللام لام الأمر، أي: ليؤمنوا بجميع ما فيه، وليقيموا ما أمروا به
فيه وبما فيه من البشارة ببعثة محمد والأمر بإتباعه وتصديقه إذا وجد، كما قال تعالى
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ
التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ...}الآية
[المائدة:68] وتفسير الآية السابقة كما في المصدر السابق:
يقول تعالى: قل يا محمد: {يا
أهل الكتاب لستم على شيء} أي من الدين حتى تقيموا التوراة والإنجيل، أي( حتى تؤمنوا
بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من اللّه على الأنبياء)، وتعملوا بما فيها، ومما
فيها الإيمان بمحمد والأمر بإتباعه صلى اللّه عليه وسلم والإيمان بمبعثه والإقتداء
بشريعته، ولهذا قال ليث بن أبي سليم عن مجاهد في قوله { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم
مِّن رَّبِّكُمْ }: يعني القرآن العظيم.
2- يدعون أن القرآن الكريم جاء مصدقًا للتوراة والإنجيل كما في قول الله تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ
..} الآية [المائدة:48]
الرد : حسب
ما جاء بمختصر تفسير ابن كثير للصابوني : {مصدقًا لما بين يديه من الكتاب} أي
من الكتب المتقدمة المتضمنة ذكره ومدحه)، وأنه سينزل من عند اللّه على عبده ورسوله
محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال ابن عباس: أي مؤتمنًا
عليه، وعنه أيضًا المهيمن (الأمين) قال:
القرآن أمينٌ على كل كتاب قبله . وقال ابن جريج :القرآن أمينٌ على الكتب المتقدمة
قبله ، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل
.وفي تفسير البغوي : مصدقًا لما قبله من
الكتب في التوحيد والنبوات والأخبار وبعض الشرائع .
3- يدّعون أن القرآن الكريم يطلب من النبي الاستشهاد بالكتاب المقدس مما يعني عدم تحريفه حتى ظهور
الإسلام :
قال الله تعالى : {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ
يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ
تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [يونس : 94]
.
الرد :
أ- بقية الآية الكريمة التي لا يأتون بها كاملة عند استشهادهم {لَقَدْ
جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} وهو ردٍ كاف.
ب- هل لو كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد افترى
القرآن ، هل كان سيقول هذا في القرآن ؟! .
ج- في اللغة يتم استخدام أداة الشرط ( إن) في حالة بُعد الاحتمالية ، ويتم استخدام إذا في
حالة قرب الاحتمال.
د- جاء في مختصر تفسير ابن كثير
للصابوني: هذا شرط والشرط لا يقتضي وقوعه ، ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "لا أشك ولا أسأل".
هـ- في التفسير الميسر: فإن كنت أيها الرسول في ريب من حقيقة ما
أخبرناك به فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل، فإن ذلك
ثابت في كتبهم، لقد جاءك الحق اليقين من ربك بأنك رسول الله ، وأن هؤلاء اليهود
والنصارى يعلمون صحة ذلك، ويجدون صفتك في كتبهم ، ولكنهم ينكرون ذلك مع علمهم به ،
فلا تكوننَّ من الشاكِّين في صحة ذلك وحقيقته.
و- جاء قول الله تعالى في أكثر من
موضع في القرآن مستخدما" ( إن ) بحيث لا تفيد وقوع الاحتمال بل تفيد استحالة وقوع
الأمر مثل :
- " قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ
" [الزخرف : 81] , التي تم نفيها بقول الله تعالى
" وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً " [مريم : 92]
كذلك قوله تعالى :
" وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ " [البقرة : 116]
"وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ
مُّكْرَمُونَ " [الأنبياء : 26]
- " قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا
يَنطِقُونَ [الأنبياء : 63]
ويعلم إبراهيم عليه السلام أنهم لا ينطقون.
- " ... َفإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً
فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى
الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ " [الأنعام : 35]
ولا يستطيع الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبتغي نفقا" في الأرض أو
سلما" في السماء ليأتي بآية إلا بتأييد الله تعالى.
فاستخدام ( إن ) لا يفيد الاحتمال أبدا" في الآية
السابقة.
وإنما هذا من جنس كلام المتيقن , كما تقول : إن ككنت غير مصدق
فاسأل.
" قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً
مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "[البقرة : 94]
" فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ "[الطور : 34]
" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا
صَادِقِينَ " [القلم : 41]
4- يدّعون أن القرآن يشهد أن الذين أنزل عليهم الكتاب كانوا يعرفون
الكتاب كما يعرفون أبناءهم فمعنى ذلك أنه لم يكن حُرف كما في الآية:
{الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ
فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
[البقرة:146].
الرد: الضمير في قوله (يعرفونه) لا يعود على
الكتاب بل على النبي صلى الله عليه وسلم ففي تفسير
الجلالين: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ
} أي : محمدًا {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} أي: بنعته في كتبهم ، قال ابن سلام: لقد عرفته حين رأيته
كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد
أشدّ .
وفي مختصر تفسير ابن كثير للصابوني: يخبر تعالى أن علماء أهل الكتاب يعرفون
صحة ما جاءهم به الرسول صلى اللّه عليه وسلم كما يعرف أحدهم
ولده.
5- يدّعون أن القرآن يذكر أن حكم الله موجود بالكتاب المقدس مما يعني
أنه لم يحرف
فى قوله تعالى {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ
فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ
بِالْمُؤْمِنِينَ} [المائدة : 43].
الرد : كما ذُكر من قبل أن الكتاب المقدس يختلط
فيه كلام الله تعالى مع كلام البشر، وقد نزلت الآية في اليهود الذين ذهبوا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليحكم في رجل وامرأة وقعا في الزنا ، فأنزل الله
تعالى الآية السابقة التي تبيّن أن الحكم موجود عندهم في التوراة ولم يتغير من ضمن
ما بدل وتغير فيها. والحكم موجود حتى الآن بسفر التثنية كما
يلي:
(التثنية 22 :22):"وَإِذَا ضَبَطْتُمْ رَجُلاً مُضْطَجِعاً مَعَ
امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ تَقْتُلُونَهُمَا كِلَيْهِمَا، فَتَنْزِعُونَ الشَّرَّ
مِنْ وَسَطِكُم)23):" وَإِذَا الْتَقَى رَجُلٌ بِفَتَاةٍ
مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ آخَرَ فِي الْمَدِينَةِ وَضَاجَعَهَا،(24):"فَأَخْرِجُوهُمَا
كِلَيْهِمَا إِلَى سَاحَةِ بَوَّابَةِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَارْجُمُوهُمَا
بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا".
في التفسير الميسر: إنَّ صنيع هؤلاء اليهود عجيب ، فهم
يحتكمون إليك أيها الرسول ، وهم لا يؤمنون بك ، ولا بكتابك مع أن التوراة التي
يؤمنون بها عندهم فيها حكم الله ، ثم يتولَّون من بعد حكمك إذا لم يُرضهم ، فجمعوا
بين الكفر بشريعتهم، والإعراض عن حكمك ، وليس أولئك المتصفون بتلك الصفات المؤمنين
بالله وبك وبما تحكم به.
ونص الحديث:عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:" أن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا فقال لهم:
كيف تفعلون بمن زنى منكم ؟ قالوا : نحممهما ونضربهما، فقال: لا تجدون في التوراة
الرجم ؟ فقالوا: لا نجد فيها شيئا، فقال لهم عبدالله بن سلام : كذبتم ، فأتوا بالتوراة فاتلوها
إن كنتم صادقين ، فوضع مدرسها الذي يدرسها منهم ك
مواضيع مماثلة
» الفصل الخامس الكتاب المقدس من وجهة نظر الإسلام.
» الفصل الثاني ترجمة الكتاب المقدس من لغته الأصلية.
» تناقضات الكتاب المقدس
» تناقضات الكتاب المقدس 2
» تناقضات الكتاب المقدس 3
» الفصل الثاني ترجمة الكتاب المقدس من لغته الأصلية.
» تناقضات الكتاب المقدس
» تناقضات الكتاب المقدس 2
» تناقضات الكتاب المقدس 3
شبكة الميزان :: منتدى الكتب المفرغة للرد علي النصاري :: قسم الكتب المفرغة للرد علي النصاري :: الحذف والتجديد في العهد الجديد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى