ذكر تنزيهه عن شرب الخمر في الجاهلية والإسلام وعن قول الشعر في الإسلام
صفحة 1 من اصل 1
ذكر تنزيهه عن شرب الخمر في الجاهلية والإسلام وعن قول الشعر في الإسلام
ذكر تنزيهه عن شرب الخمر في
الجاهلية والإسلام وعن قول الشعر في الإسلام
عن أبي العالية الرياحي قال قيل لأبي بكر في مجمع من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم هل شربت الخمر في الجاهلية قال أعوذ بالله فقيل ولم
قال كنت أصون عرضي وأحفظ مالي فمن شرب الخمر كان مضيعاً في عمره ومروءته فبلغ ذلك
النبي صلى الله عليه وسلم فقال صدق أبو بكر مرتين خرجه الرازي وعن عائشة أن أبا
بكر لم يقل شعراً في الإسلام حتى مات وأنه كان قد حرم الخمر في الجاهلية.
ذكر تعففه عن المسألة عن ابن أبي مليكة قال ربما كان يسقط الخطام من يد أبي بكر
فيضرب بذراع ناقته فينحيها فيأخذه قال أفلا أمرتنا إن حبي صلوات الله عليه وسلامه
أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً خرجه أحمد وصاحب الصفوة.
ذكر تواضعه
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من
جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقال أبو بكر إن أحد شقي ثوبي
يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنك لست
تصنع ذلك خيلاء" خرجه البخاري وعن عطاء بن السائب قال لما استخلف أبو بكر
أصبح غادياً إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر فيها فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا إلى
أين تريد يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السوق قالا تصنع ماذا وقد
وليت أمر المسلمين قال فمن أين أطعم عيالي قالا له انطلق حتى نفرض لك شيئاً فانطلق
معهما ففرضوا له لكل يوم شطر شاة وما كسوة في الرأس والبطن خرجه في الصفوة وعن عمر
بن إسحاق قال خرج أبو بكر وعلى عاتقه عباءة له فقال له رجل أرني أكفك فقال إليك
عني لا تغرني أنت وابن الخطاب عن عيالي خرجه في الصفوة وقال علماء السيرة كان أبو
بكر يحلب للحي أغنامهم فلما بويع قالت جارية من الحي الآن لا يحلب لنا منائح دارنا
فسمعها فقال لأحلبنها لكم وأرجو أن لا يغرني ما دخلت فيه عن خلق كنت فيه فكان يحلب
لهم رحمه الله وعن عمر أنه كان رديف أبي بكر قال وكنا نمر بالناس فنسلم عليهم
فيردون قال أبو بكر لقد فضلنا الناس اليوم بزيادة كثيرة خرجه أبو عبد الله الحسين
القطان وعن هشام بن عروة عن أبيه قال قعد أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم فجاء الحسن بن علي فصعد المنبر وقال انزل عن منبر أبي فقال له أبو بكر
منبر أبيك لا منبر أبي منبر أبيك لا منبر أبي فقال علي وهو في ناحية القوم
إن كان لعن غير أمري خرجه أبو بكر ابن الأنباري وعن ابن عمر أن أبا بكر بعث يزيد
بن أبي سفيان إلى الشام ومشى معه نحواً من ميلين فقيل له يا خليفة رسول الله لو
انصرفت فقال لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اغبرت قدماه في
سبيل الله حرمهما الله على النار خرجه ابن حبان.
ذكر سرعة رجوعه عن غضبه وما ظهر
من بركته
عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا ناساً فقراء
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرة "من كان عنده طعام اثنين فليذهب
بثالث ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس" وأن أبا بكر جاء بثلاثة وانطلق
نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرة وأبو بكر بثلاثة وأنا وأبي وأمي ولا أدري هل
قال وامرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر وإن أبا بكر تعشى عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم فجاء بعد أن مضى من الليل ما شاء الله تعالى فقالت له امرأته ما
حبسك عن أضيافك أو قالت ضيفك قال أو ما عشيتهم قالت أبوا حتى تجيء قد عرضوا عليهم
فغلبوهم قال فذهبت أنا فاختبأت فقال يا غنثر فجدع وسب وقال كلوا لا هنيئاً وقال
والله ما أطعمه أبداً وحلف الضيف أن لا يطعمه حتى يطعمه أبو بكر قال أبو بكر هذه
من الشيطان قال فدعا بالطعام فأكل قال وايم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من
أسفلها أكثر منها قالت حتى شبعوا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك فنظر إليها أبو بكر
فإذا هي كما هي وأكثر قال لامرأته يا أخت بني فراس ما هذا قالت لا وقرة عيني إن هي
الآن لأكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات فأكل منها أبو بكر وقال إنما كان ذلك من
الشيطان يعني يمينه ثم أكل منها لقمة ثم حملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأصبحت عنده وكان بيننا وبين قوم عهد فمضى الأجل فتفرقنا اثني عشر رجلاً مع كل
واحد منهم أناس الله أعلم كم مع كل واحد منهم فأكلوا منها أجمعين أخرجاه.
شرح: الغنثر الجاهل جذع أي خاصم والمجاذعة المخاصمة وعن أبي برزة الأسلمي قال كنا
عند أبي بكر الصديق في عمل فغضب على رجل من المسلمين فاشتد غضبه عليه جداً فلما
رأيت ذلك قلت يا خليفة رسول الله أضرب عنقه فلما ذكر القتل أصرف عن ذلك الحديث
أجمع إلى غير ذلك من النحو قال فلما تفرقنا أرسل إلي بعد ذلك أبو بكر وقال يا أبا
برزة ما قلت قال ونسيت الذي قلت قلت ذكرنيه قال أما تذكر ما قلت قلت لا والله قال
أرأيت حين رأيتني غضبت على الرجل فقلت أضرب عنقه يا خليفة رسول الله أما تذكر ذلك
أو كنت فاعلاً قال قلت نعم والله والآن إذا أمرتني فعلت فقال ويحك أو ويلك ما هذه
لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد. شرح ويح كلمة ترحم وويل كلمة عذاب
وقال اليزيدي هما بمعنى واحد تقول ويح لزيد وويل له ترفعهما على الابتداء ولك
نصبهما بإضمار فعل كأنك قلت ألزمه الله ويحاً وويلاً ولك أن تقول ويلك وويحك على
الإضافة وويح زيد وويله كذلك والنصب بإضمار فعل أيضاً.
ذكر غيرته وتزكية النبي صلى الله
عليه وسلم زوجه
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن نفراً من بني هاشم دخلوا
على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك فذكره ذلك
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إني لم أر إلا خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم
إن الله تعالى قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر
فقال لا يدخل رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان خرجه مسلم
والنسائي والحافظ أبو القاسم في الموافقات.
ذكر تكذيب ملك إنساناً وقع بأبي
بكر ولم يزل كذلك حتى انتصر لنفسه
عن سعيد بن المسيب قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس ومعه أصحابه إذ وقع رجل بأبي بكر فآذاه فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثانية
فصمت عنه ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين انتصر أبو بكر أنه وجد عليه فقال وجدت علي يا رسول الله حين انتصرت منه وقد
أعرضت عنه مرتين فظننت أنك ستردعه عني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل
ملك من السماء يكذبه بما قال لك فلما انتصرت وقع الشيطان فلم أكن لأجلس إذ وقع
الشيطان خرجه أبو داود وأبو القاسم في الموافقات. وقد قيل إن قوله تعالى: "لا
يحب الله الجهر بالسوء من القول" الآية عن مقاتل أن رجلاً نال من أبي بكر والنبي
صلى الله عليه وسلم حاضر فسكت عنه أبو بكر ثم رد عليه فقام صلى الله عليه وسلم
فقال أبو بكر يا رسول الله شتمني فلم تقل شيئاً حتى إذا رددت عليه قمت فقال إن
ملكاً كان يجيب عنك فلما رددت ذهب الملك وجاء الشيطان فنزلت ذكره أبو الفرج في
أسباب النزول.
ذكر ما جاء في الترغيب في محبته
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب أبي بكر
واجب على أمتي خرجه الحافظ السلفي في مشيخته. وعنه قال كنا في بيت عائشة أنا ورسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وأنا يومئذ ابن خمس عشرة سنة فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم يا أبكر بكر ليت أني لقيت وإخواني فإني أحبهم فقال أبو بكر يا رسول
الله من إخوانك قال أنتم أصحابي إخواني الذين لم يروني وصدقوني وأحبوني حتى إني
لأحب أحدهم من ولده ووالده قال يا رسول الله إنا نحن إخوانك قال لا أنتم أصحابي
ألا تحب يا أبا بكر قوماً أحبوك بحبي إياك قال فأحبهم ما أحبوك بحبي إياك خرجه
الأنصاري. وعن عبد الله بن أبي أوفى قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً
فقعد فقال يا عمر إني أشتاق إلى إخواني قال عمر يا رسول الله أفلسنا إخوانك قال لا
لأنتم أصحابي ولكن إخواني قوم آمنوا بي ولم يروني قال فدخل أبو بكر على بقية ذلك
فقال عمر يا أبكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني أشتاق إلى إخواني فقلت
يا رسول الله ألسنا إخوانك قال لا ولكن أنتم أصحابي ولكن إخواني قوم آمنوا بي ولم
يروني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ألا تحب قوماً بلغهم أنك
تحبني فأحبوك بحبك إياي فأحبهم أحبهم الله خرجه ابن فيروز. وعن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان الليلة التي ولد فيها أبو بكر الصديق رضي
الله عنه أقبل ربكم على جنة عدن فقال وعزتي وجلالي لا أدخلك إلا من أحب هذا
المولود خرجه علي بن نعيم البصري وقال غريب من حديث الزهري عن نافع وخرجه الملاء
في سيرته. وعن قيس بن أبي حازم قال التقى أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب فتبسم
أبو بكر في وجه علي فقال له علي ما لك تبسمت فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي بن أبي طالب الجواز فضحك علي وقال
ألا أبشرك يا أبا بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكتب الجواز إلا لمن
أحب أبا بكر خرجه ابن السمان. وعن أنس أن يهودياً أتى أبا بكر فقال والذي بعث موسى
كليماً إني لأحبك فلم يرفع له أبو بكر رأساً تهاوناً باليهودي قال فهبط جبريل على
النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك قل
لليهودي الذي قال لأبي بكر إني أحبك إن الله عز وجل قد أحاد عنه في النار خلتين لا
توضع الأنكال في قدميه ولا الغل في عنقه لحبه أبا بكر فبعث النبي صلى الله عليه
وسلم فأحضره فأخبره الخبر قال فرفع رأسه إلى السماء وقال أشهد أن لا إله إلا الله
وأنك محمد رسول الله حقاً والذي بعثك بالنبوة لا ازددت لأبي بكر إلا حباً فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيئاً هنيئاً خرجه الملاء في سيرته. شرح أحاد أصله
أمال والمراد والله أعلم هنا أزال وهو داخل في الميل تقول حاد يحيد حيوداً وحيدة
وحيدودة والأنكال جمع نكل بالكسرة وهو القيد والغل ما يجعل في العنق
ذكر ما جاء عن عمر في تفضيله أبا
بكر على نفسه
عن ابن عمر قال قيل لعمر ألا تستخلف فقال إن أترك فقد ترك من
هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو
بكر الصديق متفق على صحته وسيأتي في فصل وفاة عمر من كتاب مناقبه. وعن ابن عباس
قال قال عمر والله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي أن أتقدم على قوم فيهم أبو بكر
أخرجاه. وعن أبي عمران الجوني قال قال عمر وددت أني شعرة في صدر أبي بكر خرجهما في
فضائله وعن الحسن بن أبي الحسن قال قال عمر وددت أني من الجنة حيث أرى أبا بكر
خرجه في فضائله. وعن جابر بن عبد الله قال قال عمر أبو بكر سيدنا وخيرنا وقد تقدم
في فصل الخصائص وتقدم فيه أيضاً حديث القائل له ما رأيت أحداً خيراً منك فقال هل
رأيت أبا بكر الحديث.
ذكر ما يتضمن تعظيم عمر أبا بكر
عن أنس قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم دارنا فحلبنا له من
شاة داجن وشيب له بماء من بئر في الدار وأبو بكر عن شماله وأعرابي عن يمينه فشرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر ناحية فقال عمر أعط أبا بكر فناول الأعرابي
وقال الأيمن فالأيمن خرجه بهذا السياق علي بن حرب الطائي وقد تقدم في الخصائص
مختصراً من حديث الموطأ. وعنه قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا
فحلبنا له داجناً وشبنا لبنها من ماء الدار وعن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم
رجل من أهل البادية ومن وراء الرجل عمر بن الخطاب وعن يسار رسول الله صلى الله
عليه وسلم أبو بكر فشرب حتى إذا نزع القدح من فيه أو هم بنزعه قال عمر يا رسول
الله أعطه أبا بكر فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي وقال الأيمن
فالأيمن خرجه النسائي.
ذكر ما جاء عن علي أنه كان إذا
حدثه أحد استحلفه غير أبي بكر
عن علي قال كنت إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حديثاً نفعني الله بما شاء فإذا حدثني عنه غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته وحدثني
أبو بكر وصدق أبو بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس من عبد يذنب
ذنباً فيقوم فيحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له خرجه
النسائي والحافظ في الأربعين البلدانية. وعنه أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه
وسلم واختلف الصحابة أين يدفن قال أبو بكر عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه ليس من نبي يموت إلا دفن حيث يقبض وأبو بكر مؤتمن على ما جاء به. وعنه قال
سمعت أبا بكر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد يذنب ذنباً
فقام فتوضأ فأحسن الوضوء فقام فصلى ثم استغفر الله تعالى إلا كان حقاً على الله
تعالى أن يغفر له قال فجعل ينادي بها على المنبر صدق أبو بكر صدق أبو بكر وذلك بأن
الله تعالى قال: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله
غفوراً رحيماً" خرجهما في فضائله.
فصل في التنبيه على ما رواه علي
رضي الله عنه في فضل أبي بكر وما روى عنه
وأحاديث هذا الفصل كلها مذكورة في غيره متقدمة ومتأخرة وإنما
لما كانت الدواعي متوفرة عد ما يرويه وما يروى عنه في فضل أبي بكر وكذلك ما يرويه
أبو بكر ويروى عنه فلذلك عقدنا هذا الفصل ننبه فيه على ما تقدم وتأخر ليطلب في
مواضعه ونعقد أيضاً فصلاً مثله في مناقب علي إن شاء الله تعالى. وقد ذكرنا ما رواه
أو روي عنه مما تضمن فضل أبي بكر وغيره في آخر باب الشيخين ما خلا حديث مع أحدكما
جبريل ومع الآخر ميكائيل يعني أبا بكر وعلياً فإنه في فصل بعده وأما ما اختص بأبي
بكر فنحن نذكره هنا. فمنها حديث النزال بن سبرة عنه في قوله في أبي بكر ذاك امرؤ
سماه الله الصديق على لسان جبريل وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم رضيه صلى الله
عليه وسلم لديننا فرضيناه لدنيانا وحديث ابن يحيى في المعنى. وعن علي أن الله
تعالى أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق الثلاثة في فضل اسمه وحديث الحسن أن
رجلاً سأل علياً كيف سبق المهاجرون إلى بيعة أبي بكر فقال إنه سبقني بأربعة الحديث
تقدم في ذكر أنه أول من أظهر إسلامه وحديث آخر عنه في معناه فيه وحديث تضمن قوله
صلى الله عليه وسلم لجبريل من يهاجر معي قال أبو بكر وحديث ما منكم من أحد إلا وقد
كذبني إلا أبو بكر في أول الخصائص وحديث إني أترككم فإن يرد الله بكم خيراً الحديث
وفي ذكر اختصاصه بالخيرية وحديث أبي سريحة عنه أن أبا بكر مثبت القلب وحديث إنه
أشجع الناس. وقوله يا خليفة رسول الله لا تفجعنا بنفسك تقدم في ذكر اختصاصه
بالأشجعية وحديث إن الله تعالى يكره تخطئة أبي بكر في الخصائص في أعلميته وحديث إن
قوله تعالى: "والذي جاء بالصدق وصدق به" أبو بكر في الخصائص في آخرها
وحديث رضيه صلى الله عليه وسلم لديننا فرضيناه لدنيانا تكرر متقدماً ومتأخراً في
فصل خلافته وفي هذا الفصل قوله قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر للصلاة
وهو يرى مكاني.... الحديث وحديث قيس بن عباد عنه في المعنى وحديث أن الله أعطاه
ثواب من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم في فصل فضائله. وحديث تجلى الله تعالى له
خاصة في فصل خصائصه وحديث رحم الله أبا بكر كان من أعظم الناس أجراً في جمع
المصاحف في خصائصه وحديث إن الخير ثلثمائة خصلة وفيه منها جمع من كل في فضائله
وحديث نازلت ربي فيك يا علي ثلاثاً فأبى إلا أبا بكر سيأتي في فصل خلافته وثناؤه
عليه يوم مات في فصل وفاته إن شاء الله تعالى.
ذكر اعتذار عبد الله بن عمر في
تقديمه إباه في السلام على أبي بكر تنبيها على أفضليته
عن عبد الله بن عمر كان إذا قدم من سفر لم يدخل على أهله حتى
يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين ثم يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه
وعلى أبي بكر وعمر وكان إذا سلم على عمر قال السلام عليك يا أبي لولا أنك أبي ما
بدأت بك قبل أبي بكر خرجه أبو بكر بن أبي داود.
ذكر ما روي عن عائشة في أبي بكر
عنها قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واشرأب النفاق
ونزل بأبي ما لو نزل على الجبال الراسيات لهاضها قلت فما اختلفوا في نقطة إلا طار
أبي بحطها وثناها خرجه الطبراني وعن القاسم بن محمد قال سمعت عائشة تقول لما قبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأب النفاق وارتدت العرب وعاد أصحاب محمد كأنهم
معزى بحظيرة في حفش والله ما اختلفوا في أمر إلا طار أبي بكذا وغنائها خرجه
الإسماعيلي في معجمه. وعنها وقد بلغها أن قوماً تكلموا في أبيها فبعثت إلى أزفلة
من الناس وعلت وسادتها وأرخت ستارتها فحمدت الله تعالى وصلت على نبيه صلى الله
عليه وسلم ثم قالت أبي وما أبي والله لا تعطوه الأيدي ذاك طود منيف وظل مديد هيهات
كذبت الظنون نجح والله إذ كذيتم وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد
فتى قريش ناشئاً وكهفاً كهلاً يفك عانيها ويريش مملقها ويرأب شعبها ويلم شعثها حتى
حليته قلوبها ثم استشرى في دينه. وفي رواية استشرى في الله تعالى فما برحت شكيمته
في ذات الله عز وجل حتى اتخذ بفنائه مسجداً يحيى فيه ما أمات المبطلون وكان رحمه
الله غزير الدمعة وقيذ الجوانح شجى النشيج فانقصفت عليه نسوان أهل مكة وولدانهم
يسخرون منه ويهزؤون به: "الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون"
وأكبرت رجالات ورجالات فحنت قسيها وفوقت سهامها وامتثلوه غرضاً. وفي رواية
فانتثلوه عرضاً فما فلوا له صفاة ولا قصفوا له قناة ومضى على سيسائه حتى إذا ضرب
الدين بجرانه ورست أوتاده ودخل الناس في دين الله أفواجاً ومن كل فرقة أرسالا
وأشتاتاً واختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده فلما قبض النبي صلى الله
عليه وسلم اضطرب حبل الدين ومرج أهله وبغى الغوائل وظنت رجال أن قد اكثبت نهزها.
وفي رواية فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نصب الشيطان رواقه ومد طنبه ونصب
حبائله وظن رجال أن قد تحققت أطماعهم ولات حين يظنون وأبي الصديق بين أظهرهم فقام
حاسراً مشمراً وأقام أوده بثقافته زاد في رواية فجمع حاشيته ورفع قطريه فرد نشر
الإسلام على غره ولم شعثه بطيه وأقام أوده بثقافته حتى امذقر النفاق بوطأته فلما
انتاش الدين بنعشه. وفي رواية حتى امذقر النفاق بوطئته وانتاش الدين بنعشه فلما
أراح الحق على أهله وقرت الرؤوس في كواهلها وحقن الدماء في أهبها حضرت منيته فسد
ثلمته بنظره في الشدة والرحمة ذاك ابن الخطاب لله در أم حملته ودرت عليه لقد أوحدت
به فديخ الكفر وفنخها وشرك الشرك شذر مذر فأروني ماذا ترون وأي يومي أبي تنقمون
أيوم إقامته إذ عدل فيكم أم يوم طعنه إذ نظر لكم أقول قولي هذا وأستغفر الله
العظيم لي ولكم ثم التفتت إلى الناس فقالت سألتكم بالله هل أنكرتم مما قلت شيئاً
قالوا اللهم لا خرجه صاحب الصفوة في فضل عائشة في فصاحتها وصاحب فضائله وقال حسن
صحيح. وخرجه الحافظ أبو القاسم السمرقندي بالروايات المزيدة. شرح: الأزفلة جماعة
وجمعه أزافل تعطوه الأيدي تناوله يقال عطا يعطو وظبى عاط يتناول الشجر طود هو
الجبل العظيم فاستعارته له مشرف عال أنجح إذ أكديتم أي انقطعتم وآيستم يقال أكدى
يكدي فهو مكد مأخوذ من كدية الركية وهو أن يحفر الحافر فيبلغ إلى الكدية وهي
الصلابة من حجر أو غيره فلا يعمل معوله شيئاً فييأس ويقطع الحفر ونيتم أي ضعفتم
تقول ونى يني ونا وناء وونياء إذا ضعف يريش مملقها أي يقوى فقيرها وأصله من رشت
السهم تقول رشت الرجل أي قويته فارتاش أي قوي والمملق الفقير منه أملق إملاقاً.
يرأب شعبها أي يلائمه ويجمعه والشعب الصدع وهو الشق في الشيء ويلم شعثها والمراد
بالشعث هنا انتشار الأمر والتفرق بعد الاجتماع كما يتشعث الرأس واللم الجمع حليته
قلوبها أي أسلحته وأعجبها تقول حلا يحلو حلاوة وحلا بالكسر بعيني وفي عيني وبصدري
وفي صدري يحلى حلاوة إذا أعجبك وقال الأصمعي حلى في عيني بالكسر وحلا في عيني
بالفتح استشرى في دينه أي ألح فيه فما برحت شكيمته في ذات الله يقال فلان شديد
الشكيمة إذا كان شديد النفس ثابتاً على أمره وفلان ذو شكيمة إذا كان لا ينقاد وقيذ
الجوانح فعيل بمعنى مفعول أي أنه كان محزون القلب حتى كأن الحزن صيره لا حراك به
من الوقذ وهو الضرب حتى يصير المضروب لا حراك به تقول منه وقذه يقذه وقذاً ومنه
الموقوذة شجي النشيج أي في صوت بكائه رقة وحنان تقول نشج ينشج نشيجاً إذا غص
ببكائه وظهر منه صوت وشجاً شجا إذا حزن وأكبرت رجال أي عظمت ورجالات جمع رجل ويجمع
على رجال. حنت قسيها أي عوجت وفوقت سهامها أي جعلت لها فوقاً وهو موضع الوتر من
السهم وذلك إشارة منها إلى إرسال الكلام نحوه لقولها وامتثلوه غرضاً أي صيروه مثل
الغرض ومن رواه انتثلوه غرضاً أي صيروه مثل الغرض ومن رواه انتثلوه عرضاً أي تركوه
من النثل وهو أن يترك الشيء مرة واحدة يقال نثل ما في كنانته إذا صبه مرة واحدة
وكذا نثره فلوا صفاته أي كسروها والصفاة صخرة ملساء يقال في المثل ما تبذأ صفاته
وجمعها صفى مقصور وفله فانفل أي كسره فانكسر وكأنها تشير إلى أنهم لم يغيروا من
أمره المستجمع المستحكم شيئاً ولا قصفوا له قناة تقول قصفت الشيء أي كسرته والإشارة
إلى ذلك المعنى أي لم يزل أمره قائماً وكعبه عالياً على سيسائه أي على ما ركب من
أمره وسيساء الحمار ظهره قال أبو عمرو السيساء من الفرس الحارك ومن الحمار الظهر
ضرب الدين بجراته جران البعير عنقه من مذبحه إلى منحره وكذلك هو من الفرس والمعنى
أنه ألقى بجرانه على الأرض كما يفعل البعير إذا برك ورست أوتاده ثبتت أفواجاً
جماعات جمع فوج ويجمع أيضاً فووج وجمع الجمع أفاوج وأفاويج.قول نشج ينشج نشيجاً
إذا غص ببكائه وظهر منه صوت وشجاً شجا إذا حزن وأكبرت رجال أي عظمت ورجالات جمع
رجل ويجمع على رجال. حنت قسيها أي عوجت وفوقت سهامها أي جعلت لها فوقاً وهو موضع
الوتر من السهم وذلك إشارة منها إلى إرسال الكلام نحوه لقولها وامتثلوه غرضاً أي
صيروه مثل الغرض ومن رواه انتثلوه غرضاً أي صيروه مثل الغرض ومن رواه انتثلوه
عرضاً أي تركوه من النثل وهو أن يترك الشيء مرة واحدة يقال نثل ما في كنانته إذا
صبه مرة واحدة وكذا نثره فلوا صفاته أي كسروها والصفاة صخرة ملساء يقال في المثل
ما تبذأ صفاته وجمعها صفى مقصور وفله فانفل أي كسره فانكسر وكأنها تشير إلى أنهم
لم يغيروا من أمره المستجمع المستحكم شيئاً ولا قصفوا له قناة تقول قصفت الشيء أي
كسرته والإشارة إلى ذلك المعنى أي لم يزل أمره قائماً وكعبه عالياً على سيسائه أي
على ما ركب من أمره وسيساء الحمار ظهره قال أبو عمرو السيساء من الفرس الحارك ومن
الحمار الظهر ضرب الدين بجراته جران البعير عنقه من مذبحه إلى منحره وكذلك هو من
الفرس والمعنى أنه ألقى بجرانه على الأرض كما يفعل البعير إذا برك ورست أوتاده
ثبتت أفواجاً جماعات جمع فوج ويجمع أيضاً فووج وجمع الجمع أفاوج وأفاويج.
أرسالاً جمع رسل بالتحريك وهو في الأصل القطيع من الإبل والغنم فاستعير للجماعة من
الناس أشتاتاً أي متفرقين واحدهم شت مرج أهله يقال مرج الأمر مرجاً إذا التبس هذا
أصله والمراد بمرجهم اضطرابهم من قولهم مرج الدين والأمر اختلط واضطرب اكثبت نهزها
يقال كثبت الشيء كثباً جمعته وانكثب الرمل أي اجتمع ومنه سمي الكثيب من الرمل
والنهز جمع نهزة وهي الفرصة والكثب بالتحريك القرب يقال رماه من كثب أي من قرب ويقال
أكثبك الصيد إذا أمكنك والتقدير اقتربت فرصها. ومنه حديث يوم بدر إن أكثبكم القوم
فأنبلوهم أي قاربوكم وأمكنوكم من أنفسهم فارموهم بالنبل ولات حين يظنون وأبي بين
أظهرهم أي ليس الحين حين ظنهم ما دام أبي بين أظهرهم ومنه ولات حين مناص أي ليس
الحين حين خلاص أوده اعوجاجه بثقافته أي حذاقته وفطنته يقال ثقف ثقافة وقطر الشيء
جانباه ونشر الإسلام على عزه أي ما انتشر منه على حاله الذي كان عليه من قولهم اطو
الثوب على عزة أي على طيه الأول وكسره امذقر النفاق تقطع يقال امذقر الرائب إذا
انقطع فصار اللبن ناحية والماء ناحية قاله الجوهري.
انتاش الدين يقال انتشته أي خلصته من ضراء ومنه التناوش
التناول بنعشه أي رفعه يقال نعشه الله فانتعش أي رفعه فارتفع فأرادت والله أعلم
بهذا وبما بعده أنه رفع منار الدين وأشاد قواعده وأقر الحق وأزاح الباطل فقرت أمور
الدين على ما كانت عليه والكاهل الحارك وهو ما بين الكتفين أوحدت به أي جاءت به
وحيداً لا ثاني له ولا مثل له ديخ ودوخ بمعنى والأصل بالواو من قولهم داخ البلاد
يدوخها إذا قهرها واستولى عليها وكذلك دوخ البلاد الثلمة الخلل المرحمة الرحمة
فنخها قهرها يقال فنخه الأمر قهره شرك الشرك شذر مذر يقال شركت النعل وأشركتها أي
رممتها بالشراك فكأنه رم الكفر وشذر مذر أي في كل جهة يقال تفرقوا شذر مذر بكسر
الشين والميم وفتحهما وفتح الذال في اللغتين إذا ذهبوا في كل وجهة تنقمون أي
تعتبون يقال نقم ينقم بكسر مضارعه فهو ظعنه أي سيره وارتحاله يقال ظعن ظعناً
وظعناً.
الجاهلية والإسلام وعن قول الشعر في الإسلام
عن أبي العالية الرياحي قال قيل لأبي بكر في مجمع من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم هل شربت الخمر في الجاهلية قال أعوذ بالله فقيل ولم
قال كنت أصون عرضي وأحفظ مالي فمن شرب الخمر كان مضيعاً في عمره ومروءته فبلغ ذلك
النبي صلى الله عليه وسلم فقال صدق أبو بكر مرتين خرجه الرازي وعن عائشة أن أبا
بكر لم يقل شعراً في الإسلام حتى مات وأنه كان قد حرم الخمر في الجاهلية.
ذكر تعففه عن المسألة عن ابن أبي مليكة قال ربما كان يسقط الخطام من يد أبي بكر
فيضرب بذراع ناقته فينحيها فيأخذه قال أفلا أمرتنا إن حبي صلوات الله عليه وسلامه
أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً خرجه أحمد وصاحب الصفوة.
ذكر تواضعه
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من
جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقال أبو بكر إن أحد شقي ثوبي
يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنك لست
تصنع ذلك خيلاء" خرجه البخاري وعن عطاء بن السائب قال لما استخلف أبو بكر
أصبح غادياً إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر فيها فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا إلى
أين تريد يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السوق قالا تصنع ماذا وقد
وليت أمر المسلمين قال فمن أين أطعم عيالي قالا له انطلق حتى نفرض لك شيئاً فانطلق
معهما ففرضوا له لكل يوم شطر شاة وما كسوة في الرأس والبطن خرجه في الصفوة وعن عمر
بن إسحاق قال خرج أبو بكر وعلى عاتقه عباءة له فقال له رجل أرني أكفك فقال إليك
عني لا تغرني أنت وابن الخطاب عن عيالي خرجه في الصفوة وقال علماء السيرة كان أبو
بكر يحلب للحي أغنامهم فلما بويع قالت جارية من الحي الآن لا يحلب لنا منائح دارنا
فسمعها فقال لأحلبنها لكم وأرجو أن لا يغرني ما دخلت فيه عن خلق كنت فيه فكان يحلب
لهم رحمه الله وعن عمر أنه كان رديف أبي بكر قال وكنا نمر بالناس فنسلم عليهم
فيردون قال أبو بكر لقد فضلنا الناس اليوم بزيادة كثيرة خرجه أبو عبد الله الحسين
القطان وعن هشام بن عروة عن أبيه قال قعد أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم فجاء الحسن بن علي فصعد المنبر وقال انزل عن منبر أبي فقال له أبو بكر
منبر أبيك لا منبر أبي منبر أبيك لا منبر أبي فقال علي وهو في ناحية القوم
إن كان لعن غير أمري خرجه أبو بكر ابن الأنباري وعن ابن عمر أن أبا بكر بعث يزيد
بن أبي سفيان إلى الشام ومشى معه نحواً من ميلين فقيل له يا خليفة رسول الله لو
انصرفت فقال لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اغبرت قدماه في
سبيل الله حرمهما الله على النار خرجه ابن حبان.
ذكر سرعة رجوعه عن غضبه وما ظهر
من بركته
عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا ناساً فقراء
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرة "من كان عنده طعام اثنين فليذهب
بثالث ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس" وأن أبا بكر جاء بثلاثة وانطلق
نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرة وأبو بكر بثلاثة وأنا وأبي وأمي ولا أدري هل
قال وامرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر وإن أبا بكر تعشى عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم فجاء بعد أن مضى من الليل ما شاء الله تعالى فقالت له امرأته ما
حبسك عن أضيافك أو قالت ضيفك قال أو ما عشيتهم قالت أبوا حتى تجيء قد عرضوا عليهم
فغلبوهم قال فذهبت أنا فاختبأت فقال يا غنثر فجدع وسب وقال كلوا لا هنيئاً وقال
والله ما أطعمه أبداً وحلف الضيف أن لا يطعمه حتى يطعمه أبو بكر قال أبو بكر هذه
من الشيطان قال فدعا بالطعام فأكل قال وايم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من
أسفلها أكثر منها قالت حتى شبعوا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك فنظر إليها أبو بكر
فإذا هي كما هي وأكثر قال لامرأته يا أخت بني فراس ما هذا قالت لا وقرة عيني إن هي
الآن لأكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات فأكل منها أبو بكر وقال إنما كان ذلك من
الشيطان يعني يمينه ثم أكل منها لقمة ثم حملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأصبحت عنده وكان بيننا وبين قوم عهد فمضى الأجل فتفرقنا اثني عشر رجلاً مع كل
واحد منهم أناس الله أعلم كم مع كل واحد منهم فأكلوا منها أجمعين أخرجاه.
شرح: الغنثر الجاهل جذع أي خاصم والمجاذعة المخاصمة وعن أبي برزة الأسلمي قال كنا
عند أبي بكر الصديق في عمل فغضب على رجل من المسلمين فاشتد غضبه عليه جداً فلما
رأيت ذلك قلت يا خليفة رسول الله أضرب عنقه فلما ذكر القتل أصرف عن ذلك الحديث
أجمع إلى غير ذلك من النحو قال فلما تفرقنا أرسل إلي بعد ذلك أبو بكر وقال يا أبا
برزة ما قلت قال ونسيت الذي قلت قلت ذكرنيه قال أما تذكر ما قلت قلت لا والله قال
أرأيت حين رأيتني غضبت على الرجل فقلت أضرب عنقه يا خليفة رسول الله أما تذكر ذلك
أو كنت فاعلاً قال قلت نعم والله والآن إذا أمرتني فعلت فقال ويحك أو ويلك ما هذه
لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد. شرح ويح كلمة ترحم وويل كلمة عذاب
وقال اليزيدي هما بمعنى واحد تقول ويح لزيد وويل له ترفعهما على الابتداء ولك
نصبهما بإضمار فعل كأنك قلت ألزمه الله ويحاً وويلاً ولك أن تقول ويلك وويحك على
الإضافة وويح زيد وويله كذلك والنصب بإضمار فعل أيضاً.
ذكر غيرته وتزكية النبي صلى الله
عليه وسلم زوجه
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن نفراً من بني هاشم دخلوا
على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك فذكره ذلك
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إني لم أر إلا خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم
إن الله تعالى قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر
فقال لا يدخل رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان خرجه مسلم
والنسائي والحافظ أبو القاسم في الموافقات.
ذكر تكذيب ملك إنساناً وقع بأبي
بكر ولم يزل كذلك حتى انتصر لنفسه
عن سعيد بن المسيب قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس ومعه أصحابه إذ وقع رجل بأبي بكر فآذاه فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثانية
فصمت عنه ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين انتصر أبو بكر أنه وجد عليه فقال وجدت علي يا رسول الله حين انتصرت منه وقد
أعرضت عنه مرتين فظننت أنك ستردعه عني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل
ملك من السماء يكذبه بما قال لك فلما انتصرت وقع الشيطان فلم أكن لأجلس إذ وقع
الشيطان خرجه أبو داود وأبو القاسم في الموافقات. وقد قيل إن قوله تعالى: "لا
يحب الله الجهر بالسوء من القول" الآية عن مقاتل أن رجلاً نال من أبي بكر والنبي
صلى الله عليه وسلم حاضر فسكت عنه أبو بكر ثم رد عليه فقام صلى الله عليه وسلم
فقال أبو بكر يا رسول الله شتمني فلم تقل شيئاً حتى إذا رددت عليه قمت فقال إن
ملكاً كان يجيب عنك فلما رددت ذهب الملك وجاء الشيطان فنزلت ذكره أبو الفرج في
أسباب النزول.
ذكر ما جاء في الترغيب في محبته
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب أبي بكر
واجب على أمتي خرجه الحافظ السلفي في مشيخته. وعنه قال كنا في بيت عائشة أنا ورسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وأنا يومئذ ابن خمس عشرة سنة فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم يا أبكر بكر ليت أني لقيت وإخواني فإني أحبهم فقال أبو بكر يا رسول
الله من إخوانك قال أنتم أصحابي إخواني الذين لم يروني وصدقوني وأحبوني حتى إني
لأحب أحدهم من ولده ووالده قال يا رسول الله إنا نحن إخوانك قال لا أنتم أصحابي
ألا تحب يا أبا بكر قوماً أحبوك بحبي إياك قال فأحبهم ما أحبوك بحبي إياك خرجه
الأنصاري. وعن عبد الله بن أبي أوفى قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً
فقعد فقال يا عمر إني أشتاق إلى إخواني قال عمر يا رسول الله أفلسنا إخوانك قال لا
لأنتم أصحابي ولكن إخواني قوم آمنوا بي ولم يروني قال فدخل أبو بكر على بقية ذلك
فقال عمر يا أبكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني أشتاق إلى إخواني فقلت
يا رسول الله ألسنا إخوانك قال لا ولكن أنتم أصحابي ولكن إخواني قوم آمنوا بي ولم
يروني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ألا تحب قوماً بلغهم أنك
تحبني فأحبوك بحبك إياي فأحبهم أحبهم الله خرجه ابن فيروز. وعن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان الليلة التي ولد فيها أبو بكر الصديق رضي
الله عنه أقبل ربكم على جنة عدن فقال وعزتي وجلالي لا أدخلك إلا من أحب هذا
المولود خرجه علي بن نعيم البصري وقال غريب من حديث الزهري عن نافع وخرجه الملاء
في سيرته. وعن قيس بن أبي حازم قال التقى أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب فتبسم
أبو بكر في وجه علي فقال له علي ما لك تبسمت فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي بن أبي طالب الجواز فضحك علي وقال
ألا أبشرك يا أبا بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكتب الجواز إلا لمن
أحب أبا بكر خرجه ابن السمان. وعن أنس أن يهودياً أتى أبا بكر فقال والذي بعث موسى
كليماً إني لأحبك فلم يرفع له أبو بكر رأساً تهاوناً باليهودي قال فهبط جبريل على
النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك قل
لليهودي الذي قال لأبي بكر إني أحبك إن الله عز وجل قد أحاد عنه في النار خلتين لا
توضع الأنكال في قدميه ولا الغل في عنقه لحبه أبا بكر فبعث النبي صلى الله عليه
وسلم فأحضره فأخبره الخبر قال فرفع رأسه إلى السماء وقال أشهد أن لا إله إلا الله
وأنك محمد رسول الله حقاً والذي بعثك بالنبوة لا ازددت لأبي بكر إلا حباً فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيئاً هنيئاً خرجه الملاء في سيرته. شرح أحاد أصله
أمال والمراد والله أعلم هنا أزال وهو داخل في الميل تقول حاد يحيد حيوداً وحيدة
وحيدودة والأنكال جمع نكل بالكسرة وهو القيد والغل ما يجعل في العنق
ذكر ما جاء عن عمر في تفضيله أبا
بكر على نفسه
عن ابن عمر قال قيل لعمر ألا تستخلف فقال إن أترك فقد ترك من
هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو
بكر الصديق متفق على صحته وسيأتي في فصل وفاة عمر من كتاب مناقبه. وعن ابن عباس
قال قال عمر والله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي أن أتقدم على قوم فيهم أبو بكر
أخرجاه. وعن أبي عمران الجوني قال قال عمر وددت أني شعرة في صدر أبي بكر خرجهما في
فضائله وعن الحسن بن أبي الحسن قال قال عمر وددت أني من الجنة حيث أرى أبا بكر
خرجه في فضائله. وعن جابر بن عبد الله قال قال عمر أبو بكر سيدنا وخيرنا وقد تقدم
في فصل الخصائص وتقدم فيه أيضاً حديث القائل له ما رأيت أحداً خيراً منك فقال هل
رأيت أبا بكر الحديث.
ذكر ما يتضمن تعظيم عمر أبا بكر
عن أنس قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم دارنا فحلبنا له من
شاة داجن وشيب له بماء من بئر في الدار وأبو بكر عن شماله وأعرابي عن يمينه فشرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر ناحية فقال عمر أعط أبا بكر فناول الأعرابي
وقال الأيمن فالأيمن خرجه بهذا السياق علي بن حرب الطائي وقد تقدم في الخصائص
مختصراً من حديث الموطأ. وعنه قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا
فحلبنا له داجناً وشبنا لبنها من ماء الدار وعن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم
رجل من أهل البادية ومن وراء الرجل عمر بن الخطاب وعن يسار رسول الله صلى الله
عليه وسلم أبو بكر فشرب حتى إذا نزع القدح من فيه أو هم بنزعه قال عمر يا رسول
الله أعطه أبا بكر فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي وقال الأيمن
فالأيمن خرجه النسائي.
ذكر ما جاء عن علي أنه كان إذا
حدثه أحد استحلفه غير أبي بكر
عن علي قال كنت إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حديثاً نفعني الله بما شاء فإذا حدثني عنه غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته وحدثني
أبو بكر وصدق أبو بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس من عبد يذنب
ذنباً فيقوم فيحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له خرجه
النسائي والحافظ في الأربعين البلدانية. وعنه أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه
وسلم واختلف الصحابة أين يدفن قال أبو بكر عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه ليس من نبي يموت إلا دفن حيث يقبض وأبو بكر مؤتمن على ما جاء به. وعنه قال
سمعت أبا بكر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد يذنب ذنباً
فقام فتوضأ فأحسن الوضوء فقام فصلى ثم استغفر الله تعالى إلا كان حقاً على الله
تعالى أن يغفر له قال فجعل ينادي بها على المنبر صدق أبو بكر صدق أبو بكر وذلك بأن
الله تعالى قال: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله
غفوراً رحيماً" خرجهما في فضائله.
فصل في التنبيه على ما رواه علي
رضي الله عنه في فضل أبي بكر وما روى عنه
وأحاديث هذا الفصل كلها مذكورة في غيره متقدمة ومتأخرة وإنما
لما كانت الدواعي متوفرة عد ما يرويه وما يروى عنه في فضل أبي بكر وكذلك ما يرويه
أبو بكر ويروى عنه فلذلك عقدنا هذا الفصل ننبه فيه على ما تقدم وتأخر ليطلب في
مواضعه ونعقد أيضاً فصلاً مثله في مناقب علي إن شاء الله تعالى. وقد ذكرنا ما رواه
أو روي عنه مما تضمن فضل أبي بكر وغيره في آخر باب الشيخين ما خلا حديث مع أحدكما
جبريل ومع الآخر ميكائيل يعني أبا بكر وعلياً فإنه في فصل بعده وأما ما اختص بأبي
بكر فنحن نذكره هنا. فمنها حديث النزال بن سبرة عنه في قوله في أبي بكر ذاك امرؤ
سماه الله الصديق على لسان جبريل وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم رضيه صلى الله
عليه وسلم لديننا فرضيناه لدنيانا وحديث ابن يحيى في المعنى. وعن علي أن الله
تعالى أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق الثلاثة في فضل اسمه وحديث الحسن أن
رجلاً سأل علياً كيف سبق المهاجرون إلى بيعة أبي بكر فقال إنه سبقني بأربعة الحديث
تقدم في ذكر أنه أول من أظهر إسلامه وحديث آخر عنه في معناه فيه وحديث تضمن قوله
صلى الله عليه وسلم لجبريل من يهاجر معي قال أبو بكر وحديث ما منكم من أحد إلا وقد
كذبني إلا أبو بكر في أول الخصائص وحديث إني أترككم فإن يرد الله بكم خيراً الحديث
وفي ذكر اختصاصه بالخيرية وحديث أبي سريحة عنه أن أبا بكر مثبت القلب وحديث إنه
أشجع الناس. وقوله يا خليفة رسول الله لا تفجعنا بنفسك تقدم في ذكر اختصاصه
بالأشجعية وحديث إن الله تعالى يكره تخطئة أبي بكر في الخصائص في أعلميته وحديث إن
قوله تعالى: "والذي جاء بالصدق وصدق به" أبو بكر في الخصائص في آخرها
وحديث رضيه صلى الله عليه وسلم لديننا فرضيناه لدنيانا تكرر متقدماً ومتأخراً في
فصل خلافته وفي هذا الفصل قوله قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر للصلاة
وهو يرى مكاني.... الحديث وحديث قيس بن عباد عنه في المعنى وحديث أن الله أعطاه
ثواب من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم في فصل فضائله. وحديث تجلى الله تعالى له
خاصة في فصل خصائصه وحديث رحم الله أبا بكر كان من أعظم الناس أجراً في جمع
المصاحف في خصائصه وحديث إن الخير ثلثمائة خصلة وفيه منها جمع من كل في فضائله
وحديث نازلت ربي فيك يا علي ثلاثاً فأبى إلا أبا بكر سيأتي في فصل خلافته وثناؤه
عليه يوم مات في فصل وفاته إن شاء الله تعالى.
ذكر اعتذار عبد الله بن عمر في
تقديمه إباه في السلام على أبي بكر تنبيها على أفضليته
عن عبد الله بن عمر كان إذا قدم من سفر لم يدخل على أهله حتى
يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين ثم يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه
وعلى أبي بكر وعمر وكان إذا سلم على عمر قال السلام عليك يا أبي لولا أنك أبي ما
بدأت بك قبل أبي بكر خرجه أبو بكر بن أبي داود.
ذكر ما روي عن عائشة في أبي بكر
عنها قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واشرأب النفاق
ونزل بأبي ما لو نزل على الجبال الراسيات لهاضها قلت فما اختلفوا في نقطة إلا طار
أبي بحطها وثناها خرجه الطبراني وعن القاسم بن محمد قال سمعت عائشة تقول لما قبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأب النفاق وارتدت العرب وعاد أصحاب محمد كأنهم
معزى بحظيرة في حفش والله ما اختلفوا في أمر إلا طار أبي بكذا وغنائها خرجه
الإسماعيلي في معجمه. وعنها وقد بلغها أن قوماً تكلموا في أبيها فبعثت إلى أزفلة
من الناس وعلت وسادتها وأرخت ستارتها فحمدت الله تعالى وصلت على نبيه صلى الله
عليه وسلم ثم قالت أبي وما أبي والله لا تعطوه الأيدي ذاك طود منيف وظل مديد هيهات
كذبت الظنون نجح والله إذ كذيتم وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد
فتى قريش ناشئاً وكهفاً كهلاً يفك عانيها ويريش مملقها ويرأب شعبها ويلم شعثها حتى
حليته قلوبها ثم استشرى في دينه. وفي رواية استشرى في الله تعالى فما برحت شكيمته
في ذات الله عز وجل حتى اتخذ بفنائه مسجداً يحيى فيه ما أمات المبطلون وكان رحمه
الله غزير الدمعة وقيذ الجوانح شجى النشيج فانقصفت عليه نسوان أهل مكة وولدانهم
يسخرون منه ويهزؤون به: "الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون"
وأكبرت رجالات ورجالات فحنت قسيها وفوقت سهامها وامتثلوه غرضاً. وفي رواية
فانتثلوه عرضاً فما فلوا له صفاة ولا قصفوا له قناة ومضى على سيسائه حتى إذا ضرب
الدين بجرانه ورست أوتاده ودخل الناس في دين الله أفواجاً ومن كل فرقة أرسالا
وأشتاتاً واختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده فلما قبض النبي صلى الله
عليه وسلم اضطرب حبل الدين ومرج أهله وبغى الغوائل وظنت رجال أن قد اكثبت نهزها.
وفي رواية فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نصب الشيطان رواقه ومد طنبه ونصب
حبائله وظن رجال أن قد تحققت أطماعهم ولات حين يظنون وأبي الصديق بين أظهرهم فقام
حاسراً مشمراً وأقام أوده بثقافته زاد في رواية فجمع حاشيته ورفع قطريه فرد نشر
الإسلام على غره ولم شعثه بطيه وأقام أوده بثقافته حتى امذقر النفاق بوطأته فلما
انتاش الدين بنعشه. وفي رواية حتى امذقر النفاق بوطئته وانتاش الدين بنعشه فلما
أراح الحق على أهله وقرت الرؤوس في كواهلها وحقن الدماء في أهبها حضرت منيته فسد
ثلمته بنظره في الشدة والرحمة ذاك ابن الخطاب لله در أم حملته ودرت عليه لقد أوحدت
به فديخ الكفر وفنخها وشرك الشرك شذر مذر فأروني ماذا ترون وأي يومي أبي تنقمون
أيوم إقامته إذ عدل فيكم أم يوم طعنه إذ نظر لكم أقول قولي هذا وأستغفر الله
العظيم لي ولكم ثم التفتت إلى الناس فقالت سألتكم بالله هل أنكرتم مما قلت شيئاً
قالوا اللهم لا خرجه صاحب الصفوة في فضل عائشة في فصاحتها وصاحب فضائله وقال حسن
صحيح. وخرجه الحافظ أبو القاسم السمرقندي بالروايات المزيدة. شرح: الأزفلة جماعة
وجمعه أزافل تعطوه الأيدي تناوله يقال عطا يعطو وظبى عاط يتناول الشجر طود هو
الجبل العظيم فاستعارته له مشرف عال أنجح إذ أكديتم أي انقطعتم وآيستم يقال أكدى
يكدي فهو مكد مأخوذ من كدية الركية وهو أن يحفر الحافر فيبلغ إلى الكدية وهي
الصلابة من حجر أو غيره فلا يعمل معوله شيئاً فييأس ويقطع الحفر ونيتم أي ضعفتم
تقول ونى يني ونا وناء وونياء إذا ضعف يريش مملقها أي يقوى فقيرها وأصله من رشت
السهم تقول رشت الرجل أي قويته فارتاش أي قوي والمملق الفقير منه أملق إملاقاً.
يرأب شعبها أي يلائمه ويجمعه والشعب الصدع وهو الشق في الشيء ويلم شعثها والمراد
بالشعث هنا انتشار الأمر والتفرق بعد الاجتماع كما يتشعث الرأس واللم الجمع حليته
قلوبها أي أسلحته وأعجبها تقول حلا يحلو حلاوة وحلا بالكسر بعيني وفي عيني وبصدري
وفي صدري يحلى حلاوة إذا أعجبك وقال الأصمعي حلى في عيني بالكسر وحلا في عيني
بالفتح استشرى في دينه أي ألح فيه فما برحت شكيمته في ذات الله يقال فلان شديد
الشكيمة إذا كان شديد النفس ثابتاً على أمره وفلان ذو شكيمة إذا كان لا ينقاد وقيذ
الجوانح فعيل بمعنى مفعول أي أنه كان محزون القلب حتى كأن الحزن صيره لا حراك به
من الوقذ وهو الضرب حتى يصير المضروب لا حراك به تقول منه وقذه يقذه وقذاً ومنه
الموقوذة شجي النشيج أي في صوت بكائه رقة وحنان تقول نشج ينشج نشيجاً إذا غص
ببكائه وظهر منه صوت وشجاً شجا إذا حزن وأكبرت رجال أي عظمت ورجالات جمع رجل ويجمع
على رجال. حنت قسيها أي عوجت وفوقت سهامها أي جعلت لها فوقاً وهو موضع الوتر من
السهم وذلك إشارة منها إلى إرسال الكلام نحوه لقولها وامتثلوه غرضاً أي صيروه مثل
الغرض ومن رواه انتثلوه غرضاً أي صيروه مثل الغرض ومن رواه انتثلوه عرضاً أي تركوه
من النثل وهو أن يترك الشيء مرة واحدة يقال نثل ما في كنانته إذا صبه مرة واحدة
وكذا نثره فلوا صفاته أي كسروها والصفاة صخرة ملساء يقال في المثل ما تبذأ صفاته
وجمعها صفى مقصور وفله فانفل أي كسره فانكسر وكأنها تشير إلى أنهم لم يغيروا من
أمره المستجمع المستحكم شيئاً ولا قصفوا له قناة تقول قصفت الشيء أي كسرته والإشارة
إلى ذلك المعنى أي لم يزل أمره قائماً وكعبه عالياً على سيسائه أي على ما ركب من
أمره وسيساء الحمار ظهره قال أبو عمرو السيساء من الفرس الحارك ومن الحمار الظهر
ضرب الدين بجراته جران البعير عنقه من مذبحه إلى منحره وكذلك هو من الفرس والمعنى
أنه ألقى بجرانه على الأرض كما يفعل البعير إذا برك ورست أوتاده ثبتت أفواجاً
جماعات جمع فوج ويجمع أيضاً فووج وجمع الجمع أفاوج وأفاويج.قول نشج ينشج نشيجاً
إذا غص ببكائه وظهر منه صوت وشجاً شجا إذا حزن وأكبرت رجال أي عظمت ورجالات جمع
رجل ويجمع على رجال. حنت قسيها أي عوجت وفوقت سهامها أي جعلت لها فوقاً وهو موضع
الوتر من السهم وذلك إشارة منها إلى إرسال الكلام نحوه لقولها وامتثلوه غرضاً أي
صيروه مثل الغرض ومن رواه انتثلوه غرضاً أي صيروه مثل الغرض ومن رواه انتثلوه
عرضاً أي تركوه من النثل وهو أن يترك الشيء مرة واحدة يقال نثل ما في كنانته إذا
صبه مرة واحدة وكذا نثره فلوا صفاته أي كسروها والصفاة صخرة ملساء يقال في المثل
ما تبذأ صفاته وجمعها صفى مقصور وفله فانفل أي كسره فانكسر وكأنها تشير إلى أنهم
لم يغيروا من أمره المستجمع المستحكم شيئاً ولا قصفوا له قناة تقول قصفت الشيء أي
كسرته والإشارة إلى ذلك المعنى أي لم يزل أمره قائماً وكعبه عالياً على سيسائه أي
على ما ركب من أمره وسيساء الحمار ظهره قال أبو عمرو السيساء من الفرس الحارك ومن
الحمار الظهر ضرب الدين بجراته جران البعير عنقه من مذبحه إلى منحره وكذلك هو من
الفرس والمعنى أنه ألقى بجرانه على الأرض كما يفعل البعير إذا برك ورست أوتاده
ثبتت أفواجاً جماعات جمع فوج ويجمع أيضاً فووج وجمع الجمع أفاوج وأفاويج.
أرسالاً جمع رسل بالتحريك وهو في الأصل القطيع من الإبل والغنم فاستعير للجماعة من
الناس أشتاتاً أي متفرقين واحدهم شت مرج أهله يقال مرج الأمر مرجاً إذا التبس هذا
أصله والمراد بمرجهم اضطرابهم من قولهم مرج الدين والأمر اختلط واضطرب اكثبت نهزها
يقال كثبت الشيء كثباً جمعته وانكثب الرمل أي اجتمع ومنه سمي الكثيب من الرمل
والنهز جمع نهزة وهي الفرصة والكثب بالتحريك القرب يقال رماه من كثب أي من قرب ويقال
أكثبك الصيد إذا أمكنك والتقدير اقتربت فرصها. ومنه حديث يوم بدر إن أكثبكم القوم
فأنبلوهم أي قاربوكم وأمكنوكم من أنفسهم فارموهم بالنبل ولات حين يظنون وأبي بين
أظهرهم أي ليس الحين حين ظنهم ما دام أبي بين أظهرهم ومنه ولات حين مناص أي ليس
الحين حين خلاص أوده اعوجاجه بثقافته أي حذاقته وفطنته يقال ثقف ثقافة وقطر الشيء
جانباه ونشر الإسلام على عزه أي ما انتشر منه على حاله الذي كان عليه من قولهم اطو
الثوب على عزة أي على طيه الأول وكسره امذقر النفاق تقطع يقال امذقر الرائب إذا
انقطع فصار اللبن ناحية والماء ناحية قاله الجوهري.
انتاش الدين يقال انتشته أي خلصته من ضراء ومنه التناوش
التناول بنعشه أي رفعه يقال نعشه الله فانتعش أي رفعه فارتفع فأرادت والله أعلم
بهذا وبما بعده أنه رفع منار الدين وأشاد قواعده وأقر الحق وأزاح الباطل فقرت أمور
الدين على ما كانت عليه والكاهل الحارك وهو ما بين الكتفين أوحدت به أي جاءت به
وحيداً لا ثاني له ولا مثل له ديخ ودوخ بمعنى والأصل بالواو من قولهم داخ البلاد
يدوخها إذا قهرها واستولى عليها وكذلك دوخ البلاد الثلمة الخلل المرحمة الرحمة
فنخها قهرها يقال فنخه الأمر قهره شرك الشرك شذر مذر يقال شركت النعل وأشركتها أي
رممتها بالشراك فكأنه رم الكفر وشذر مذر أي في كل جهة يقال تفرقوا شذر مذر بكسر
الشين والميم وفتحهما وفتح الذال في اللغتين إذا ذهبوا في كل وجهة تنقمون أي
تعتبون يقال نقم ينقم بكسر مضارعه فهو ظعنه أي سيره وارتحاله يقال ظعن ظعناً
وظعناً.
مواضيع مماثلة
» شبهات النصارى حول الإسلام 1
» شبهات النصارى حول الإسلام 2
» شبهات النصارى حول الإسلام 3
» شبهات النصارى حول الإسلام 5
» شبهات النصارى حول الإسلام 6
» شبهات النصارى حول الإسلام 2
» شبهات النصارى حول الإسلام 3
» شبهات النصارى حول الإسلام 5
» شبهات النصارى حول الإسلام 6
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى